الذهن لا في عالم الخارج. ف (مفيد) و (عالم) تكون النسبة بينهما تامة إذا جعلنا منهما مبتدأ وخبرا، وناقصة إذا جعلنا منهما موصوفا ووصفا. وجعل " مفيد " مبتدأ تارة وموصوفا أخرى امر ذهني لا خارجي، لان حاله في الخارج لا يتغير كما هو واضح، وتكون النسبة في الذهن تامة.
واما إذا جاءت إلى الذهن ووجدت بما هي نسبة فعلا، وهذا يتطلب أن يكون لها طرفان متغايران في الذهن، إذ لا نسبة بدون طرفين، وتكون النسبة ناقصة إذا كانت اندماجية تدمج أحد طرفيها بالاخر وتكون منهما مفهوما افراديا واحدا وحصة خاصة، إذ لا نسبة حينئذ حقيقة في صقع الذهن الظاهر، وانما هي مستمرة وتحليلية، ومن هنا قلنا سابقا إن الحروف وهيئات الجمل الناقصة موضوعة لنسب اندماجية اي تحليلية، وان هيئات الجمل التامة موضوعة لنسب غير اندماجية.
الجملة الخبرية والانشائية:
وتنقسم الجملة التامة إلى خبرية وانشائية، ولا شك في اختلاف إحداهما عن الأخرى، حتى مع اتحاد لفظيهما كما في بعت الخبرية وبعت الانشائية، فضلا عن عاد وأعد وقد وجدت عدة اتجاهات في تفسير هذا الاختلاف:
الأول: ما تقدم في الحلقة الأولى عن صاحب الكفاية وغيره من وحدة الجملتين في مدلولهما التصوري، واختلافهما في المدلول التصديقي فقط، وقد تقدم الكلام عن ذلك.
الثاني: ان الاختلاف بينهما ثابت في مرحلة المدلول التصوري، وذلك في كيفية الدلالة، فقد يكون المدلول التصوري واحدا، ولكن كيفية الدلالة تختلف، فان جملة بعت الانشائية دلالتها على مدلولها بمعنى ايجادها له باللفظ، وجملة بعت الاخبارية دلالتها على مدلولها بمعنى اخطارها للمعنى وكشفها عنه، فكما ادعي في الحروف انها ايجادية، كذلك يدعى في الجمل