المفهوم، واما ما تحسه من عدم التجوز في حالات عدم الانحصار فيمكن ان يفسر بتفسيرات أخرى، من قبيل ان هذه الحالات لا تعنى عدم استعمال الجملة الشرطية في الربط المذكور، بل عدم إرادة المطلق من مفاد الجزاء، ومن الواضح ان هذا انما يثلم الاطلاق وقرينة الحكمة، ولا يعني استعمال اللفظ في غير ما وضع له.
الشرط المسوق لتحقق الموضوع:
يلاحظ في كل جملة شرطية تواجد ثلاثة أشياء وهي: الحكم، والموضوع، والشرط. والشرط تارة يكون امرا مغايرا لموضوع الحكم في الجزاء، وأخرى يكون محققا لوجوده.
فالأول، كما في قولنا (إذا جاء زيد فأكرمه) فان موضوع الحكم زيد والشرط المجئ، وهما متغايران.
والثاني كما في قولنا (إذا رزقت ولدا فاختنه) فان موضوع الحكم بالختان هو الولد والشرط ان ترزق ولدا، وهذا الشرط ليس مغايرا للموضوع، بل هو عبارة أخرى عن تحققه ووجوده، ومفهوم الشرط ثابت في الأول، فكلما كان الشرط مغايرا للموضوع وانتفى الشرط دلت الجملة الشرطية على انتفاء الحكم عن موضوعه بسبب انتفاء الشرط.
واما حالات الشرط المحقق للموضوع فهي قسمين:
أحدهما: أن يكون الشرط المحقق لوجود الموضوع هو الأسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع، كما في مثال الختان المتقدم.
والآخر: أن يكون الشرط أحد أساليب تحقيقه، كما في (إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فان مجئ الفاسق بالنبأ عبارة أخرى عن إيجاد النبأ، ولكنه ليس هو الأسلوب الوحيد لايجاده، لان النبأ كما يوجده الفاسق يوجده العادل أيضا.