مقدار ما يثبت بدليل الحجية:
وكلما كان الطريق حجة ثبت به مدلوله المطابقي، واما المدلول الالتزامي فيثبت في حالتين بدون شك وهما:
أولا: فيما إذا كان الدليل قطعيا.
وثانيا: فيما إذا كان الدليل على الحجية يرتب الحجية على عنوان ينطبق على الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية على السواء، كما إذا قام الدليل على حجية عنوان الخبر وقلنا: إن كلا من الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية مصداق لهذا العنوان.
واما في غير هاتين الحالتين فقد يقع الاشكال، كما في الظهور العرفي الذي قام الدليل على حجيته، فإنه ليس قطعيا، كما أن دلالته الالتزامية ليست ظهورا عرفيا. فقد يقال: إن أمثال دليل حجية الظهور لا تقتضي بنفسها الا اثبات المدلول المطابقي ما لم تقم قرينة خاصة على اسراء الحجية إلى الدلالات الالتزامية أيضا.
ولكن المعروف بين العلماء التفصيل بين الامارات والأصول، فكل ما قام دليل على حجيته من باب الا مارية ثبتت به مدلولاته الالتزامية أيضا، ويقال حينئذ: إن مثبتاته حجة، وكل ما قام دليل على حجيته بوصفه أصلا عمليا فلا يكون مثبتاته حجة، بل لا يتعدى فيه من اثبات المدلول المطابقي الا إذا قامت قرينة خاصة في دليل الحجية على ذلك.
وقد فسر المحقق النائيني ذلك - على ما تبناه من مسلك جعل الطريقية في الامارات - بان دليل الحجية يجعل الامارة علما فيترتب على ذلك كل آثار العلم، ومن الواضح ان من شؤون العلم بشئ العلم بلوازمه، ولكن أدلة الحجية في باب الأصول ليس مفادها إلا التعبد بالجري العملي على وفق الأصل، فيتحدد الجري بمقدار مؤدي الأصل، ولا يشمل الجري العملي على طبق اللوازم الا مع قيام قرينة.