منه بدون اختيار على سبيل الصدفة. ففي هذه الحالة إذا قيل بعدم الاشتراط تمسكنا باطلاق الدليل لاثبات الوجوب بمبادئه على هذا المكلف، ويعتبر ما صدر منه صدفة حينئذ مصداقا للواجب فلا معنى لوجوب القضاء عليه لحصول الاستيفاء، وخلافا لذلك ما إذا قلنا بالاشتراط فان ما أتى به لا يتعين بدليل انه مسقط لوجوب القضاء، وناف له، بل لا بد من طلب حاله من قاعدة أخرى من دليل أو أصل.
حالات ارتفاع القدرة:
ثم إن القدرة التي هي شرط في الإدانة، وفي التكليف قد تكون موجودة حين توجه التكليف، ثم تزول بعد ذلك وزوالها يرجع إلى أحد أسباب:
الأول: العصيان فان الانسان قد يعصي، ويؤخر الصلاة حتى لا يبقى من الوقت ما يتاح له ان يصلي فيه.
الثاني: التعجيز وذلك بان يعجز المكلف نفسه عن أداء الواجب، بان يكلفه المولى بالوضوء، والماء موجود امامه فيريقه، ويصبح عاجزا.
الثالث: العجز الطارئ لسبب خارج عن اختيار المكلف.
وواضح ان الإدانة ثابتة في حالات السببين الأول والثاني، لان القدرة حدوثا على الامتثال كافية لادخال التكليف في دائرة حق الطاعة، واما في الحالة الثالثة فالمكلف إذا فوجئ بالسبب المعجز فلا إدانة وإذا كان عالما بأنه سيطر أو تماهل في الامتثال حتى طرأ فهو مدان أيضا.
وعلى ضوء ما تقدم يقال عادة ان الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا، اي انه لا ينفي القدرة بالقدر المعتبر شرطا في الإدانة والعقاب. ويراد بالاضطرار بسوء الاختيار ما نشأ عن العصيان، أو التعجيز.