قاعدة التسامح في أدلة السنن:
ذكرنا أن موضوع الحجية ليس مطلق الخبر، بل خبر الثقة على تفصيلات متقدمة، ولكن قد يقال في خصوص باب المستحبات، أو الاحكام غير الالزامية عموما ان موضوع الحجية مطلق الخبر، ولو كان ضعيفا استنادا إلى روايات دلت على أن من بلغه عن النبي ثواب على عمل فعمله كان له مثل ذلك وان كان النبي لم يقله، كصحيحة هشام ابن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام: " قال: من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له اجره وإن لم يكن على ما بلغه " بدعوى أن هذه الروايات تجعل الحجية لمطلق البلوغ في موارد المستحبات.
والتحقيق ان هذه الروايات فيها - بدوا - أربعة احتمالات:
الأول: ان تكون في مقام جعل الحجية لمطلق البلوغ.
الثاني: ان تكون في مقام انشاء استحباب واقعي نفسي، على طبق البلوغ بوصفه عنوانا ثانويا.
الثالث: ان تكون ارشادا إلى حكم العقل بحسن الاحتياط، واستحقاق المحتاط للثواب.
الرابع: ان تكون وعدا مولويا لمصلحة في نفس الوعد، ولو كانت هذه المصلحة هي الترغيب في الاحتياط باعتبار حسنه عقلا.
والفارق بين هذه الاحتمالات الأربعة من الناحية النظرية واضح.
فالاحتمال الثالث يختلف عن الباقي في عدم تضمنه اعمال المولوية بوجه.
والاحتمالان الأخيران يختلفان عن الأولين في عدم تضمنهما جعل الحكم، ويختلف الأول عن الثاني - مع اشتراكهما في جعل الحكم - في أن الحكم المجعول على الأول ظاهري، وعلى الثاني واقعي.