والأولى لا تتقوم بعدم القرينة، والثانية تتقوم بعدم القرينة المتصلة، والثالثة تتقوم بعدم القرينة مطلقا ولو منفصلة.
والحجية حكم مترتب على المرتبة الثالثة من الظهور فمتى وردت القرينة المنفصلة - فضلا عن المتصلة - هدمت المرتبة الثالثة من الظهور، ورفعت بذلك موضوع الحجية.
وهذا الكلام لا يمكن قبوله بظاهره، فإنه وان كان على حق في جعل الظهور التصديقي موضوعا للحجية كما تقدم. غير أن الظهور التصديقي للكلام في إرادة المعنى الحقيقي استعمالا جديا ليس متقوما بعدم القرينة المنفصلة، بل بعدم القرينة المتصلة فقط لان هذا الظهور منشؤه ظهور حال المتكلم في التطابق بين المدلول التصوري لكرمه، والمدلول التصديقي، والتطابق بين المدلول التصديقي الأول، والمدلول التصديقي الثاني. والمنظور في هذين التطابقين شخص الكلام بكل ما يتضمنه من خصوصيات، فإذا اكتمل شخص الكلام، وتحدد مدلوله التصوري والمعنى المستعمل فيه، تنجز ظهور حال المتكلم في أن ما قاله، وما استعمل فيه اللغظ هو المراد جدا ومجئ القرينة المنفصلة تكذيب لهذا الظهور الحالي لا انه يعني نفيه موضوعا، ولهذا كان الاعتماد على القرينة المنفصلة خلاف الأصل العقلائي لان ذلك على خلاف الظهور الحالي، ولو كان الاعتماد عليها وورودها يوجب نفي المرتبة التي هي موضوع الحجية من الظهور لما كان ذلك على خلاف الطبع ولكان حاله حال الاعتماد على القرائن المتصلة التي تمنع عن انعقاد الظهور التصديقي على طبق المدلول التصوري.
الظهور الحالي:
وكما ان الظهور اللفظي حجة، كذلك ظهور الحال، ولو لم يتجسد في لفظ أيضا، فكلما كان للحال مدلول عرفي ينسبق إليه ذهن الملاحظ