أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٣ - الصفحة ١٦٤
1 - إن كنت تعني هذا المعنى الذي تقدم ذكره - وهو عدم جواز التسرع بالأخذ بها من دون فحص عما يصلح لصرفها عن ظواهرها وعدم جواز التسرع بالأخذ بها من كل أحد - فهو كلام صحيح. وهو أمر طبيعي في كل كلام عال رفيع وفي كل مؤلف في المعارف العالية. ولكن قلنا: إنه ليس معنى ذلك أن ظواهره مطلقا ليست بحجة بالنسبة إلى كل أحد.
2 - وإن كنت تعني الجمود على خصوص ما ورد من آل البيت (عليهم السلام) على وجه لا يجوز التعرض لظواهر القرآن والأخذ بها مطلقا فيما لم يرد فيه بيان من قبلهم - حتى بالنسبة إلى من يستطيع فهمه من العارفين بمواقع الكلام وأساليبه ومقتضيات الأحوال، مع الفحص عن كل ما يصلح للقرينة أو ما يصلح لنسخه - فإنه أمر لا يثبته ما ذكروه له من أدلة.
كيف! وقد ورد عنهم (عليهم السلام) إرجاع الناس إلى القرآن الكريم، مثل ما ورد من الأمر بعرض الأخبار المتعارضة عليه (1) بل ورد عنهم ما هو أعظم من ذلك وهو عرض كل ما ورد عنهم على القرآن الكريم (2) كما ورد عنهم الأمر برد الشروط المخالفة للكتاب في أبواب العقود (3) ووردت عنهم أخبار خاصة دالة على جواز التمسك بظواهره نحو قوله (عليه السلام) لزرارة لما قال له: " من أين علمت أن المسح ببعض الرأس؟ " فقال (عليه السلام): " لمكان الباء " (4) ويقصد الباء من قوله تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم) * (5). فعرف زرارة كيف يستفيد الحكم من ظاهر الكتاب.

(١) الوسائل: ج ١٨ ص ٧٦، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي، ح ١.
(٢) المصدر السابق: ص ٧٨ ح ١٢ و ١٤.
(٣) الوسائل: ج ١٢ ص ٣٥٢، الباب ٦ من أبواب الخيار.
(٤) الوسائل: ج ٢ ص ٩٨٠، الباب ١٣ من أبواب التيمم، ح ١.
(٥) المائدة: ٦.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست