وذهب الشيخ صاحب الكفاية إلى العكس من ذلك (1) أي أنه يرى أن أصالة عدم القرينة هي التي ترجع إلى أصالة الظهور، يعني أن العقلاء ليس لهم إلا بناء واحد وهو البناء على أصالة الظهور، وهو نفسه بناء على أصالة عدم القرينة، لا أنه هناك بناءان عندهم: بناء على أصالة عدم القرينة وبناء آخر على أصالة الظهور، والبناء الثاني بعد البناء الأول ومتوقف عليه، ولا أن البناء على أصالة الظهور مرجع حجيته ومعناه إلى البناء على أصالة عدم القرينة.
أقول: الحق أن الأمر لا كما أفاده الشيخ الأعظم ولا كما أفاده صاحب الكفاية، فإنه ليس هناك أصل عند العقلاء غير أصالة الظهور يصح أن يقال له: " أصالة عدم القرينة " فضلا عن أن يكون هو المرجع لأصالة الظهور أو أن أصالة الظهور هي المرجع له.
بيان ذلك: أنه عند الحاجة إلى إجراء أصالة الظهور لابد أن يحتمل أن المتكلم الحكيم أراد خلاف ظاهر كلامه. وهذا الاحتمال لا يخرج عن إحدى صورتين لا ثالثة لهما:
الأولى: أن يحتمل إرادة خلاف الظاهر مع العلم بعدم نصب قرينة من قبله لا متصلة ولا منفصلة. وهذا الاحتمال إما من جهة احتمال الغفلة عن نصب القرينة، أو احتمال قصد الإيهام، أو احتمال الخطأ، أو احتمال قصد الهزل - أو لغير ذلك - فإنه في هذه الموارد يلزم المتكلم بظاهر كلامه فيكون حجة عليه، ويكون حجة له أيضا على الآخرين. ولا تسمع منه دعوى الغفلة ونحوها، وكذلك لا تسمع من الآخرين دعوى احتمالهم للغفلة ونحوها. وهذا معنى أصالة الظهور عند العقلاء، أي أن الظهور هو الحجة عندهم كالنص بإلغاء كل تلك الاحتمالات.