السؤال. وهذا نظير ما لو سئلت: أي إخوتك أحب إليك؟ فأجبت: من كان أكبر مني، فإنه لا ينبغي أن يتوهم أحد أن الحكم في هذا الجواب يعم كل من كان أكبر منك ولو كان من غير إخوتك.
وأما عن الوجه الثاني، فبأنه بعد وضوح إرادة " الخبر " من الموصول يكون الظاهر من الجملة تعليق الحكم على الشهرة في خصوص الخبر، فيكون المناط في الحكم شهرة الخبر بما أنها شهرة الخبر، لا الشهرة بما هي وإن كانت منسوبة لشئ آخر.
وكذلك يقاس الحال في مقبولة " ابن حنظلة " الآتية في باب التعادل والتراجيح.
تنبيه:
من المعروف عن المحققين من علمائنا: أنهم لا يجرأون على مخالفة المشهور إلا مع دليل قوي ومستند جلي يصرفهم عن المشهور. بل ما زالوا يحرصون على موافقة المشهور وتحصيل دليل يوافقه ولو كان الدال على غيره أولى بالأخذ وأقوى في نفسه. وما ذلك من جهة التقليد للأكثر ولا من جهة قولهم بحجية الشهرة. وإنما منشأ ذلك إكبار المشهور من آراء العلماء لا سيما إذا كانوا من أهل التحقيق والنظر.
وهذه طريقة جارية في سائر الفنون، فإن مخالفة أكثر المحققين في كل صناعة لا تسهل إلا مع حجة واضحة وباعث قوي، لأن المنصف قد يشك في صحة رأيه مقابل المشهور، فيجوز على نفسه الخطأ ويخشى أن يكون رأيه عن جهل مركب لا سيما إذا كان قول المشهور هو الموافق للاحتياط.
* * *