الظهور لا يكون ظهورا إلا إذا كان هناك احتمال للقرينة غير منفي بحكم العقل، وإلا لو كان احتمالها منفيا بحكم العقل كان الكلام نصا لا ظاهرا.
وعلى نحو العموم نقول: لا يكون الكلام ظاهرا ليس بنص قطعي في المقصود إلا إذا كان مقترنا باحتمال عقلي أو احتمالات عقلية غير مستحيلة التحقق، مثل احتمال خطأ المتكلم، أو غفلته، أو تعمده للإيهام لحكمة، أو نصبه لقرينة تخفى على الغير أو لا تخفى. ثم لا يكون الظاهر حجة إلا إذا كان البناء العملي من العقلاء على إلغاء مثل هذه الاحتمالات، أي عدم الاعتناء بها في مقام العمل بالظاهر.
وعليه، فالنفي الإدعائي العملي للاحتمالات هو المقوم لحجية الظهور، لا نفي الاحتمالات عقلا من جهة استحالة تحقق المحتمل، فإنه إذا كانت الاحتمالات مستحيلة التحقق لا تكون محتملات ويكون الكلام حينئذ نصا لا نحتاج في الأخذ به إلى فرض بناء العقلاء على إلغاء الاحتمالات.
وإذا اتضح ذلك نستطيع أن نعرف أن هذا التوجيه المذكور للقول بالتفصيل في حجية الظهور لا وجه له، فإنه أكثر ما يثبت به أن نصب القرينة الخفية بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه أمر محتمل غير مستحيل التحقق، لأ أنه لا يقبح من الحكيم أن يصنع مثل ذلك، فالقرينة محتملة عقلا.
ولكن هذا لا يمنع من أن يكون البناء العملي من العقلاء على إلغاء مثل هذا الاحتمال، سواء أمكن أن يعثر على هذه القرينة بعد الفحص - لو كانت - أم لا يمكن.
4 - ثم على تقدير تسليم الفرق في حجية الظهور بين المقصود بالإفهام وبين غيره، فالشأن كل الشأن في انطباق ذلك على واقعنا بالنسبة إلى الكتاب العزيز والسنة: