الجملة مطابقة لدلالة المفردات، وقد تكون مغايرة لها، كما إذا احتف الكلام بقرينة توجب صرف مفاد جملة الكلام عما يقتضيه مفاد المفردات.
والظهور التصديقي يتوقف على فراغ المتكلم من كلامه، فإن لكل متكلم أن يلحق بكلامه ما شاء من القرائن، فما دام متشاغلا بالكلام لا ينعقد لكلامه الظهور التصديقي.
ويستتبع هذا الظهور التصديقي ظهور ثان تصديقي، وهو الظهور بأن هذا هو مراد المتكلم. وهذا هو المعين لمراد المتكلم في نفس الأمر، فيتوقف على عدم القرينة المتصلة والمنفصلة، لأن القرينة مطلقا تهدم هذا الظهور. بخلاف الظهور التصديقي الأول، فإنه لا تهدمه القرينة المنفصلة.
أقول: ونحن لا نتعقل هذا التقسيم، بل الظهور قسم واحد، وليس هو إلا دلالة اللفظ على مراد المتكلم. وهذه الدلالة هي التي نسميها " الدلالة التصديقية " وهي أن يلزم من العلم بصدور اللفظ من المتكلم العلم بمراده من اللفظ، أو يلزم منه الظن بمراده. والأول يسمى " النص " ويختص الثاني باسم " الظهور ".
ولا معنى للقول بأن اللفظ ظاهر ظهورا تصوريا في معناه الموضوع له، وقد سبق في الجزء الأول (ص 65) بيان حقيقة الدلالة وأن ما يسمونه ب " الدلالة التصورية " ليست بدلالة، وإنما كان ذلك منهم تسامحا في التعبير، بل هي من باب " تداعي المعاني " فلا علم ولا ظن فيها بمراد المتكلم، فلا دلالة فلا ظهور، وإنما كان خطور. والفرق بعيد بينهما.
وأما تقسيم " الظهور التصديقي " إلى قسمين فهو تسامح أيضا، لأ أنه لا يكون الظهور ظهورا إلا إذا كشف عن المراد الجدي للمتكلم إما على نحو اليقين أو الظن، فالقرينة المنفصلة لا محالة تهدم الظهور مطلقا. نعم، قبل