2 - لا يقصدون أيضا بالعمل بالمحكم من آياته جواز التسرع بالعمل به من دون فحص كامل عن كل ما يصلح لصرفه عن الظهور في الكتاب والسنة من نحو الناسخ والمخصص والمقيد وقرينة المجاز...
3 - لا يقصدون أيضا أنه يصح لكل أحد أن يأخذ بظواهره وإن لم تكن له سابقة معرفة وعلم ودراسة لكل ما يتعلق بمضمون آياته. فالعامي وشبه العامي ليس له أن يدعي فهم ظواهر الكتاب والأخذ بها.
وهذا أمر لا اختصاص له بالقرآن الكريم، بل هذا شأن كل كلام يتضمن المعارف العالية والأمور العلمية وهو يتوخى الدقة في التعبير.
ألا ترى أن لكل علم أهلا يرجع إليهم في فهم مقاصد كتب ذلك العلم، وأن له أصحابا يؤخذ منهم آراء ما فيه من مؤلفات. مع أن هذه الكتب والمؤلفات لها ظواهر تجري على قوانين الكلام وأصول اللغة، وسنن أهل المحاورة هي حجة على المخاطبين بها وهي حجة على مؤلفيها، ولكن لا يكفي للعامي ان يرجع إليها ليكون عالما بها يحتج بها أو يحتج بها عليه بغير تلمذة على أحد أهلها، ولو فعل ذلك هل تراه لا يؤنب على ذلك ولا يلام (1). وكل ذلك لا يسقط ظواهرها عن كونها حجة في نفسها، ولا يخرجها عن كونها ظواهر يصح الاحتجاج بها.
وعلى هذا، فالقرآن الكريم إذ نقول: إنه حجة على العباد، فليس معنى ذلك أن ظواهره كلها هي حجة بالنسبة إلى كل أحد حتى بالنسبة إلى من لم يتنور بنور (2) العلم والمعرفة.
وحينئذ نقول لمن ينكر حجية ظواهر الكتاب: ماذا تعني من هذا الإنكار؟