فقط من غير لحاظ الانفراد والتعدد، فضلا عن لحاظ الوضع الواحد أو الوضعين، ولا الحرف إلا على التعدد من غير دلالة على أن التعدد بوضع واحد أو وضعين، فإذا أتبعته بقولك: سحارة وخرارة (1) فقد أزحت الإجمال عن اللفظ، وأعلمت السامع باستعمالك اللفظ في المعنيين، ولم تخرج بذلك عن معنى الحرف، ولم تستعمله في غير ما وضع لأجله، والوجدان السليم يكفي المنصف شاهدا على ذلك، إذ لا ترى في قولك: رأيت عينين سحارة وخرارة. تكلفا ولا تأويلا أصلا، بل لا ترى فرقا بين قولك هذا، وبين قولك: رأيت عينين جاريتين. إلا أن الأول ألطف في الذوق، وأبدع في السمع، وعليه جرى الحريري في مقاماته، فقال - من الخفيف -:
جاد بالعين حين أعمى هواه * عينه فانثنى بلا عينين (2) ولعمري لقد أحسن، وأخطأ من خطأه في ذلك، وعليه يجري كثير من بديع أمثلة التوشيع (3)، كقول الصفي الحلي:
رأيت بدرين من وجه ومن قمر * في ظل جنحين من ليل ومن شعر (4) بناء على ما يذهبون إليه من كون استعمال البدر في الوجه مجازا، وأن المجازات لها أوضاع نوعية، لا على ما حققناه سابقا.
وقول بلدية (5) السيد حيدر رحمه الله في رثاء الحسين عليه السلام:
فظاهر فيها بين درعين نثرة * وصبر ودرع الصبر أقواهما عرى (6)