قالبا له، ومرآة للانتقال إليه، وآلة لتصويره في ذهن السامع، كما أن الوضع عبارة عن تعيين لفظ المعنى وتخصيصه به على وجه كلي بحيث متى أطلق أو أحس فهم منه ذلك المعنى، ومفاد المقامين هو صيرورة اللفظ كلية في الثاني، وفي الكلام الخاص في الأول بإزاء المعنى بحيث يكون اللفظ المركب من حيث كونه مجتمعا وحدانيا بإزاء المعنى البسيط أو المركب من حيث كونه مركبا وحدانيا، فالمحاكاة هنا بين اللفظ الواحد والمعنى الواحد ولو كانت الوحدة اعتبارية، والحاكي الواحد في الاستعمال الواحد لا يحكي إلا حكاية واحدة عن الشيء الواحد، ومن ضروريته أن لا يقع بإزاء الأكثر، ولا قالبا له ولا مرآة له لبساطته في هذا اللحاظ إلا أن يلاحظ الأكثر من حيث الاجتماع واحدا فيخرج عن العنوان ويندرج تحت استعمال اللفظ في مجموع معنيين وهو غير الموضوع له، فإن تمت العلاقة صح مجازا، وإلا بطل.
وإن شئت قلت: معنى الوضع تخصيص لفظ بمعنى بحيث يكون الأول بتمامه واقعا بحذاء الثاني، ويصير بكليته مرآة له ومتمحضا في الدلالة عليه فلا يطابقه الاستعمال إلا حال وحدة المعنى، وتوضيحه موكول إلى فنه» (1) انتهى.
وقال الأستاذ (2) بعد ما ذكر اختلافهم في المسألة على أقوال، ما لفظه: «أظهرها عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا، وبيانه:
أن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى، بل جعله وجها (3) وعنوانا له، [بل] (4) بوجه نفسه كأنه الملقى، ولذا يسري إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى، ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك إلا لمعنى واحد، ضرورة