اجتماع الواجب والمندوب، فيكون من باب اجتماع الحكمين (1).
وهذا من طريف الاستدلال، لأن لفظ الإجزاء الذي ورد في النص وفتاوى الفقهاء، وجعله هذا المستدل عنوان دليله، معناه: الاكتفاء الذي معناه عدم الاجتماع إذ لو كان الآخر - الكافي عنه - موجودا لم يكن ذلك اكتفاء، كما في سائر موارد إطلاق هذين اللفظين.
فالإجزاء في الغسل نظير إجزاء صلاة الفريضة عن تحية المسجد، حيث إن الغرض من تشريع صلاة التحية أن لا يخرج الداخل فيه إلا بصلاة، ويحصل هذا الغرض بالفريضة، ولا يبقى مقتض لصلاة التحية، لا أن الظهر - مثلا - وهي أربع ظهر، وتحية وهي ركعتان.
وكذلك الغسل فإن الغرض منه الطهارة عن الأوساخ الواقعية، والكون على الطهارة في أوقات وأمكنة خاصة، وبعد غسل الجنابة يحصل الغرض ولا يبقى محله.
نعم لعل له وجها على بعض الأقوال في تلك المسألة من لزوم نية الجمع ونحو ذلك، فإن المسألة ذات أقوال كثيرة.
وكان الأولى بهذا المستدل أن يستدل بالتعليل الوارد في الميت الجنب، من قولهم عليهم السلام: «يغسل غسلا واحدا يجزئ ذلك للجنابة ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة» (2).
وعد بعضهم مطلق تداخل الأسباب من الاجتماع، واستدل بها على الجواز.
ولكي يتضح الحال في تداخل الأسباب يلزم النظر في أقسام المسببات،