أنحاء الاعتبار، ولو تفحصت لوجدت ذلك في كلام غيره أيضا.
وقد فسر ذلك في بحث قصد الأمر، فقال: «المطلوب في الأمر المطلق حصول الفعل مجردا عن القيدين، أي من غير اعتبار شيء منهما» (1).
ولو لا ما قلناه لم يكن وجه لتفسير الواضح، فمؤاخذته على ذلك مؤاخذة على اللفظ ومشاحة فيه.
ثم ما ذكره من ابتناء ذلك على أن تكون القربة من القيود اللاحقة للمأمور به، فدعوى لا شاهد عليها، ولا أنه مذهب صاحب الفصول في مسألة اعتبار قصد القربة، ولا ابتناء لهذا الجواب على ذلك أصلا، بل هو مبني على انقسام متعلق الأمر إلى قسمين المستلزم لانقسام الترك إليهما أيضا، وهذا أمر واضح، إذ الأمر ينقسم إلى توصلي لا تعتبر فيه القربة، وتعبدي تعتبر فيه، ومهما كان وجه اعتباره يحصل الانقسام، فلا موقع لقوله: «لا يقال....».
وقد علم هذا الفاضل الموالي حيلة يحتالون بها على اعتبار قصد القربة بالأمر بالفعل أولا، والتبسه بالمقصود ثانيا، وتلك الحيلة جارية في المقام، وكافية فيه.
وبالجملة، اعتبار القربة في المطلوب الواقعي مما لا شك فيه، ولا ينازع فيه أحد وإن اختلفوا في وجه اعتباره، فالانقسام بحسب الواقع حاصل، وهذا يكفي صاحب الفصول أمكن اعتباره في الأمر أم لا.
ولله در فراسة العم، فقد علم أن كلامه لغموضه يخفى على أوائل الأنظار، فقال آخر البحث: «وعليك بإمعان النظر فيه، فإنه من الغموض بمكان» (2).
صدق - طاب ثراه - لو كان هذا الفاضل أجاب ملتمسه، وأمعن النظر لم