يكن يخفى على مثله في نبله وفضله، إن لازم ذلك - بعد الانقسام المذكور - ليس التناقض الذي توهمه، والترك المتقرب به ليس نقيضا للفعل المطلق، ولا بعد في أن يكون لكل من الفعل مع القربة وتركه كذلك، مصلحة تدعو الآمر إلى الأمر بهما، فيحصل التقرب بكل منهما.
على أن صاحب الفصول ممن يذهب إلى إمكان كون المصلحة في الأمر، وقد قال هذا الفاضل في خاتمة كلامه:
«نعم يصح ذلك في القيود التي تكون من قبيل الإجابة للمؤمن، فالصوم من حيث إنه صوم مستحب، وتركه من حيث إنه إجابة للمؤمن يمكن أن يكون مستحبا، فالتقرب به ليس تقربا بترك الصوم (1)، بل بعنوان الإجابة المتحدة مع الترك، وبذلك يظهر بطلان المقايسة المذكورة» (2).
كلا، لم يظهر بطلان المقايسة بل ظهر أن هذا الفاضل بعد هذا النزاع، شديد نزع إلى قول الفصول، بل اعترف بمقالته بعد تغيير لفظ التقييد بالقربة إلى التقييد بعنوان الإجابة، وعلى هذا جرى في الوجه الذي جعله حاسما للإشكال في العبادات المكروهة التي لا بدل لها من جنسها، فقال:
«لا ضير في أن يكون طرفا النقض من شيء واحد ولو من حيث اندراجهما (3) تحت عنوان آخر ذي مصلحة مقتضية لهما (4)، كفعل الأكل المندرج تحت عنوان إجابة المؤمن [المستلزم] (5) لترك المندرج تحت عنوان الصوم، وحيث إنه لا يسعنا الجمع بين المتناقضين، فلا محالة يصير التكليف بهما تكليفا على وجه التخيير بين الفعل