وانظر إذا أردت توضيحه بالمثال إلى حال السوقة (1) مع الملوك، فإن المثول (2) بين أيديهم للخضوع والتعظيم قد يكون لازما لا يرضى الملك بتركه كأيام المواسم والأعياد، وقد يكون محبوبا من غير لزوم كسائر الأيام، وقد يكون مبغوضا لديه كما إذا كان الماثل في حال لا ينبغي حضوره لديه، أو كان الملك في حال لا يجب تعظيمه، بل يبغضه أشد البغض كما لو كان مختفيا من عدو يرصده، فلو عظمه أحد بالتعظيم المختص له عرفه العدو فقصده.
وإذا صح عند وجدانك أمثال هذا المثال وإن كان الله لا يضرب له الأمثال، فقس عليها الصلاة، فما هي إلا المثول بين يديه تعالى، كما يرشد إليه قولهم عليهم السلام: «الصلاة معراج المؤمن» (3) تجب في الأوقات الخمسة، وتستحب في كثير من الأوقات، وتكره في الأوقات الثلاثة، وتقع من الطاهر دون الطامث، لكونها في حالة قذرة لا تصلح لها معها.
وإن شئت مثلها بالهدية، كما يشير إليه قولهم عليهم السلام: «الصلاة بمنزلة الهدية» (4) فكما أنها تتحقق بالأمور الثلاثة وهي قابلة للأحكام الخمسة، وتختلف باختلاف أحوال المهدي وزمان الإهداء، فلتكن الصلاة كذلك.
وما الذي يمنع من القول بأن صلاة الحائض حرام شرعي لا تشريعي، وأن صلاتها وهي حائض كتركها لها وهي طاهر؟ وما الذي يدعو إلى تأويل ظواهر السنة وفتاوى الأصحاب بأن المراد منها المانعية وموانع الصلاة كثيرة؟ ولأمر ما خص الحيض بهذا التعبير؟ وأظنك لا تحتاج إلى زيادة توضيح، وعلمت أن الأمر يتعلق بالعبادة، لا أنها