تكون عبادة بالأمر، وإذا أمكن عبادة محرمة كصوم العيدين، وصوم الوصال، وغيرهما من الصوم المحظور، فالأولى به العبادة المكروهة، فيقيد مطلقات العبادات بالدليل الدال على الحرمة أو الكراهة.
وليعلم أن للعبادات الواجبة والمستحبة سننا وآدابا من تروك وأفعال، وقد يظن أن النواهي الواردة من هذا القبيل تدل على كراهتها فتعد في عداد العبادات المكروهة.
وليس كذلك، إذ النهي فيها ليست عن العبادة لتكون مكروهة، بل نهي عنها في العبادة، وفرق واضح بين النهي عن الشيء وبين النهي عنه في الشيء.
فالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس غير النهي عن التثاؤب (1) في الصلاة، إذ الأول تخصيص لعموم الأمر بالصلاة، والثاني اعتبار عدم الشيء في الفرد الداخل فيه، الشامل عموم الحكم له، فالصلاة في الأوقات الثلاثة ملحوظ بلحاظ الفردية، والنهي عنها مخصص للعموم الزماني الدال على رجحان طبيعة الصلاة، بخلاف النهي عن صلاة الحاقن (2) والحاقب (3) والحازق (4)، فإن العناوين الثلاثة لم تلحظ إلا بعنوان أنها حالات للمصلي.
وإذا شئت زيادة التوضيح فارجع إلى مثال الهدية السالف، فشتان بين ألطاف تهديها إلى بعض أخلائك وهي مطيبة بأزكى طيب، ومغطاة بأنظف منديل، ومحفوفة بصنوف الأزهار والرياحين، وبين ما تكون بالضد من ذلك.
ثم انظر الفرق بين الهديتين وموقعهما عند خليلك، مع أن الألطاف هي