الفرد لو لا اتحاده مع الواجب كان مكروها، وذلك لأن الكراهة من جهة عدم منعها من الترك لا يصلح لتقييد أفراد الطبيعة المأمور بها بغير الفرد المجامع لها بخلاف الحرمة، لأنها من جهة منعها من الترك يلزم امتثال الأمر بغير الفرد المحرم بحكم العقل بالجمع بين الفرضين.
أقول: الظاهر أن أكثر المكروهات، بل كلها - إلا الشاذ منها - لا يختص بالعبادات الواجبة، وقد تقرر أن الأصل في كل نافلة أن يكون بحكم فريضتها، وإطلاق أدلتها شاملة لها، فيبقى الإشكال بحاله فيها.
وأما ثانيها، فالنهي راجع إلى نفس الخصوصية، ومن أورد عليه بأن خصوصية الكون في الحمام ليست مكروهة، بل قد تكون راجحة، فقد غفل عن مراده، إذ المراد كراهة الكون فيه حال الصلاة وهي بحالها من الرجحان من غير أن تمسها الكراهة، فقوله: لا تصل في الحمام. معناه لا تكن في الحمام حال الصلاة، وعلى هذا التفسير لا داعي إلى حمل النهي على الإرشاد، ولا إلى الالتزام بعدم وجود الكراهة الفعلية.
نعم يبقى للسؤال موقع عن السبب الذي دعا إلى هذا الإلغاز، فهلا قال بدل قوله: يكره الصلاة في الحمام: يكره الكون فيه حال الصلاة.
وأما ثالث الأقسام وهو ما تعلق النهي بها ولا بدل لها، وهو أصعب الأقسام على أصولهم.
وحاصل ما أفاده فيه: أن فعلها راجح لكونها عبادة، وتركها راجح أيضا لانطباق عنوان راجح عليه، ولكن رجحان الترك أشد فيزول وصف الاستحباب عنها، وتكون الكراهة فعلية.
ولكن لما كان مشتملا على الجهة الراجحة تكون عبادة، إذ لا يشترط في كون العمل عبادة وجود الأمر، بل يكفي تحقق الجهة.
ويشكل بأن العنوان الوجودي لا يمكن أن ينطبق عليه عنوان عدمي