«إن قلت: فرق بين الاجتماع في عرض واحد وبين الاجتماع كذلك (1), فإن الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر، بخلافه في الثاني، فإن الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم، فإنه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه وعدم عصيان أمره.
قلت: ليت شعري كيف لا يطارده (2) الأمر بغير الأهم، وهل يكون طرده له إلا من جهة فعليته ومضادة متعلقة للأهم؟ والمفروض فعليته ومضادة متعلقه له، وعدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الإتيان به وعصيان أمره، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادة بين المتعلقين، مع أنه يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهم، فإنه على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضد كما كان في غير هذا الحال فلا يكون له معه أصلا مجال» (3).
أقول: ما ذكره رحمه الله أقوى شبهات منكر الترتب، وأنفذ سهم (3) في كنانته (5)، وبالتأمل فيما عرفناك به تعلم أن كلا من الأمرين لا يطارد الآخر، أما أن المهم لا يطارد الأهم فلأنه مشروط بعصيان أمر الأهم الذي هو مرتبة سقوطه عن التأثير، ولا وجود لطلبه في هذه المرتبة، فضلا عن فعليته، كما أنه مع عدم العصيان لا وجود لأمر المهم، ولهذا لو فرض - محالا - وجودهما معا في الخارج لم يكن الواجب إلا الأهم لعدم وجود شرط الأمر بالمهم.
نعم كانت المطاردة تتم بينهما لو كان تحصيل شرطه واجبا، وهذا خلاف