عنه تأخر المعلول عن علته؟ ولعل الوجه فيما أورده، توهم شمول إطلاق الأمر لحال العصيان، وإن كان ذلك فقد عرفت - بما لا موضع للمزيد عليه - أن الأمر لا يعقل شموله لهذه الحال.
وخلاصة القول: إنه لا تضاد بين الأمرين، بل التضاد بين الفعلين، والأمر على نحو الترتب لا يؤول إلى الجمع بينهما أصلا، إذ المفروض في وجود أحدهما عدم وجود الآخر وخلو المحل فأين المحال؟ وإن شئت زيادة الاتضاح فعليك بمقايسة الإرادة التشريعية بالتكوينية، فطال ما حاولت إيجاد أمر لمصلحة مهمة فاشتغلت بعدة من مقدماته، ثم تصورت إمكان عدم حصوله فرتبت في تلك الحال المقدمات الموصلة إلى ضده الذي دونه في المصلحة لئلا يفوتك الغرضان معا، وإذا تذكرت ما سبق في بابه من اتحاد الإرادتين بحسب الحقيقة، وأنه لا فرق بينهما سوى جعل إرادة الغير إحدى مقدمات الوجود في التشريعية فقط يتم لك القياس.
عاد كلامه: «لا يقال: نعم ولكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصي فيما بعد بالاختيار، فلولاه لما كان متوجها إليه إلا الطلب بالأهم، ولا برهان على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار.
فإنه يقال: استحالة طلب الضدين ليست إلا لأجل استحالة طلب المحال، واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال، وإلا لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد بلا حاجة في تصحيحه بالترتب مع أنه محال بلا ريب ولا إشكال» (1).
أقول: أما الاعتراض فهو كلام من يسلم اجتماع الأمرين، ويحاول