معنى المشروط.
وأما عدم طرد الأهم للمهم، فلما عرفت من عدم اقتضائه متعلقه على تقدير عدم وقوعه، ولا تكون المطاردة إلا من جهة اقتضاء الأمر الامتثال وبعثه إلى إتيان متعلقه، ولا اقتضاء ولا بعث في هذا التقدير، فإذن الأمران متباعدان بأقصى مراتب البعد معنى وإن اتحدا زمانا، ولا فرق فيما هو مناط الإمكان بين هذا الترتب وبين ترتب وجوب الكفارة على عصيان أمر الصوم، وما كان من بابه الذي يعترف هذا الأستاذ وموافقوه بإمكانه.
وبالجملة، ونوافقه فيما ذكره في مناط استحالة طلب الضدين وهو طلب المحال، ونجعل الحكم دائرا مداره، فنمنع من طلب الضدين ما يؤول إلى المحال ولو في زمانين، ونجوز ما لا يؤول إليه ولو في زمان واحد، وقد عرفت عدم لزومه على ما قلناه، فلا داعي إلى تطلب الحيلة (1) فيما وقع من طلب الضدين في العرفيات (2)، على أن ما ذكره لا يجدي في التخلص عن ذلك، وهو قوله:
«لا يخلو إما أن يكون الأمر بغير الأهم بعد التجاوز عن الأمر به وطلبه حقيقة، واما أن يكون الأمر به إرشادا إلى محبوبيته وبقائه على ما هو عليه من المصلحة والغرض لو لا المزاحمة، وأن الإتيان به يوجب استحقاق المثوبة فيذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة» (3) انتهى.
وذلك لأن الوجدان في كثير من موارد التزاحم في العرفيات يشهد ببقاء طلب الأهم، وكيف يتجاوز عنه مع تمامية المقتضي ووجود المصلحة الملزمة، وعدم المانع سوى العلم بعدم إطاعة المأمور، وذلك لا يجدي لرفع اليد عنه، وإلا امتنع تكليف العصاة، ولا آية أجلى على بقاء الطلب من الحث على الفعل حال