المولى تكليفان وجوبيان، أو تحريميان، أو مختلفان لزم امتثالهما معا، والجمع (1) بين الغرضين إذا لم يكونا متزاحمين، وإتيان (2) أحدهما المعين إذا كان أهم من الآخر، والتخيير مع التساوي، وليس للآمر أن يأمر بتقديم المهم على الأهم، ولا أن يأمر بتعيين أحد المتساويين، ولا أن يصدر أمرا مولويا بعنوان التزاحم إلا (3) أن يكون إرشادا إلى حكم العقل، أو بيانا لأهم المتزاحمين.
ثانيها: لا يعقل تقييد الأمر بكل من الإطاعة والعصيان فيكون بمنزلة أن يقال: افعل إن كنت فاعلا، أو افعل إن كنت لا تفعل، إذ الأول يؤول إلى تحصيل الحاصل، والثاني إلى طلب المحال.
ولو شئت قلت: إن الأول طلب حصول الشيء على فرض حصوله، والثاني طلب وقوع الشيء على فرض عدم وقوعه، وإذا امتنع تقييد الأمر بهذين الأمرين امتنع إطلاقه بالنسبة إليهما أيضا، إذ الإطلاق والتقييد متلازمان إمكانا وامتناعا فكل ما صح أو امتنع التقييد به صح أو امتنع الإطلاق بالنسبة إليه، فلا يعقل أن يقال: افعل فعلت أو لم تفعل.
هذا، مع أن الإطاعة والعصيان متأخران رتبة عن الأمر، فلا يعقل اعتبارهما فيه على نحو الإطلاق والتقييد، فاستبان من ذلك أن مقتضى الأمر عدم وقوع العصيان، لا الإطاعة على فرض العصيان، وبعبارة أخرى: الأمر يقتضي الوجود وعدم الترك لا الوجود في صورة وقوع الترك.
ثالثها: التضاد بين الفعلين وتزاحمهما (4) لا يستلزم التضاد والتزاحم بين الأمرين المتعلق بهما، ولا بين مقدماتهما، إذ لا تضاد بين وجود المصلحة في بياض