وأما اعتباره في وقوع الواجب على صفة الوجوب فقد ذهب إليه العلامة - العم - وبينه في مواضع من كتابه، وملخص ما ينبغي أن يقال في هذا البحث:
أن اعتبار الإيصال المذكور قد يكون على نحو التقييد إما بالإيصال الخارجي على نحو الشرط المتأخر بالمعنى المتقدم، أن بالعنوان المنتزع منه، كالتعقب مثلا على نحو الشرط المقارن، وقد يكون المعتبر لحاظ الإيصال من غير تقييد للمقدمة به أصلا.
أما التقييد به بتقريريه، فأعظم ما يرد عليه أن القيد لا بد أن يكون في مرتبة المقيد بحيث يتمكن الآمر من ملاحظتهما معا، كالإيمان مع الرقبة، وأما ما كان متأخرا عنه فلا يعقل التقييد به كما لا يصح إطلاق لفظ الإطلاق عليه، فالأمر بالنسبة إلى أمثال هذه الصور ليس بمطلق ولا بمقيد، ولهذا امتنع تقييد الأمر بكل من الإطاعة والعصيان، والحكم (1) بكونه مشكوكا فيه أو مقطوعا به، بل وامتنع إطلاقه بالنسبة إليها، لأن ما لا يصح إطلاقه لا يصح تقييده، وهذا أصل شريف يبتنى عليه مسائل مهمة، وتنحل به عقد مشكلات جمة، وستعرف بيانه - إن شاء الله - في مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي.
إذا عرفت ذلك، نقول: إن الإيصال من القيود المتأخرة عن مرتبة ذات المقدمة، فلا يعقل أن يكون قيدا لها، وأيضا يلزم منه أن يعود الأمر بالمقدمة إلى طلب الحاصل، إذ لا معنى للإيصال إلا إتيان الواجب، والذي يأتي بالواجب آت بمقدمته ضرورة، وإلا خرجت عن كونها مقدمة، فيكون حاصل الأمر بالمقدمة، إرادة المقدمة إن كان يأتي بالمقدمة، وقد مر ذلك.
وبالجملة، لا يعقل أن يكون الإيصال منوعا للمقدمة في لحاظ الآمر أولا،