ومنها: أن الإيصال لا يتحقق إلا بوجود ذي المقدمة، وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة يلزم أن يكون ذو المقدمة واجبة لمقدمته، ويترشح عليه الوجوب من مقدمته التي لم تجب إلا بترشح وجوبه عليها.
قلت: لمانع (1) أن يمنع قابلية الواجب الغيري لإيجاب الغير نظرا إلى نقصانه في مرتبة الوجود وعدم تأصله، بل هو كذلك لدى ذي النظر الدقيق، ولهذا تجب مقدمات المقدمات ولو بوسائط كثيرة بنفس وجوب ذي المقدمة، ويترشح الوجوب على جميعها منه دفعة واحدة، لأن مقدمة مقدمة الواجب مقدمة لنفس الواجب، والجميع داخل في موضوع ما لا يتم الواجب إلا به، فيجب جميعا بوجوبه، لا أن كل مقدمة توجب مقدمتها، وتلك أيضا كذلك، وهلم جرا.
وإذا كان الأمر كذلك فيها، فبالأجدر أن لا يسري وجوبها إلى ما لم تجب إلا به، فتكون علة لعلتها.
على أنه (2) لا محذور في الالتزام به، لأنه ليس من الدور الباطل، ولا من التسلسل المحال، كما لا يخفى على المتأمل.
ومنها: ما ذكره المقرر من أن القول بوجوب المقدمة الموصلة يرجع إلى القول بوجوب مطلق المقدمة (3)، وأطال في بيانه إطالة مملة، وتبعه فيه جماعة.
وحاصل ما ذكره: «أن تقييد المأمور به قد يكون بما لا يكون مغايرا في الوجود مع المقيد، كالفصول اللاحقة للأجناس وقد يكون مغايرا معه في الوجود،