إلى آخره (1).
وأنت إذا أعطيت التأمل حقه في هذا الكلام، وأضفت إليه سائر ما أورده في المقام، عرفت براءة هذا الإمام من هذه الوصمة، وأنه لا يريد إلا ما يحكم به كل عقل سليم، من أن الاقتضاء الخارجي والإلزام بفعل الشيء أو تركه غير الإرادة النفسية المتعلقة بأحدهما، كما قال في بعض كلامه، وهذا لفظه:
«وأنت خبير بأن المعنى المذكور يعني الإرادة الواقعية ليس معنى إنشائيا حاصلا بالصيغة، حتى يندرج من جهته الأمر في الإنشاء، لظهور كون ذلك أمرا قلبيا حاصلا قبل أداء الصيغة، وإنما يحصل لها بيان ذلك وإظهاره» (2) إلى آخره.
وبالجملة من الواضح أن الاقتضاء وهو الطلب غير الإرادة أعني الصفة النفسية، بل الطلب مسبب عنها، وإظهار لها، وإفهام للغير بها، وهو متأخر عنها رتبة تأخر المعلول عن العلة، والطلب من مقولة الفعل أو ما يقاربه، وما أشد تغايرهما وأبعد ما بينهما.
وقال الشيخ الأستاذ طاب ثراه في الكفاية ما لفظه: «الظاهر أن يكون الطلب الذي هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقي الذي يكون كليا بالحمل الشائع الصناعي، بل الطلب الإنشائي الذي لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا، بل طلبا إنشائيا، ولو أبيت إلا عن كونه موضوعا للطلب فلا أقل من كونه منصرفا إلى الإنشائي منه عند إطلاقه، كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائي، كما أن الأمر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب، والمنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقة، واختلافهما في ذلك ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من المغايرة بين