وملخص الكلام فيه أن الأشاعرة إن أرادوا إثبات صفة نفسانية أخرى غير الإرادة، فهو واضح الفساد، ضرورة إنا لا نجد في أنفسنا عند الطلب غير الإرادة - بالمعنى الذي عرفت - شيئا آخر.
وإن أرادوا أن الطلب معنى ينتزع عن الإرادة في مرتبة الكشف والإظهار، فهو غير الإرادة المجردة مفهوما وإن اتحدا ذاتا، وبعبارة أخرى: إنه إظهار الإرادة، وإعلام الغير بها، وإلزامه بإيجاد متعلقها منه، ونحو ذلك من التعبير فهو حق لا محيص عنه، إذ الوجدان يشهد بتفاوت الحال بين الإرادة المجردة والإرادة المظهرة، واختلاف حكمهما، والهيئات إنما وضعت لبيان تلك الصفة النفسية وإظهارها فقبل إظهارها لا يسمى طلبا ولا أمرا، ولا يقال: إنه طلب كذا أو أمر كذا.
وأنت إذا تأملت في أدلة الفريقين واطلعت على ما احتج كل منهما على ما ذهب إليه واعترض الآخر عليه، علمت أن الذي أثبته الأشاعرة، ونفاه العدلية، هو إثبات صفة أخرى غير الإرادة، هذا آية الله العلامة (1) احتج على الاتحاد بأنا لا نجد في الآمر أمرا آخر مغايرا للإرادة، إذ ليس المفهوم منه إلا إرادة