على السطح، فلم يملك نفسه حتى شرع بالعتاب وهو واقف بعد على الباب، وقال: «ما هذا الذي ينقل عنك ويعزى إليك؟» فقلت: «نعم وقد أصبت الواقع وصدق الناقل» فقال: «إذا قلت في شجاع إنه أسد فهل له ذنب؟» فقلت له مداعبا: «تقوله في مقام المدح ولا خير في أسد أبتر» ثم صعد إلي، وبعد ما أسمعني أمض. (1) الملام ألقيت عليه طرفا من هذا الكلام، فقبله طبعه السليم وذهنه المستقيم، فقال: «هذا حق لا معدل عنه ولا شك فيه» ثم كتب في ذلك رسالة سماها (فصل القضاء في الانتصار للرضا) ومن ذلك اشتهر القول به، وقبلته الأذهان الصافية، ورفضته الأفهام السقيمة.
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مر به العذب الزلالا (2) وأنت إذا تصفحت كتب المحققين كالفصول وهداية المسترشدين وجدت هذا المعنى مرتكزا في أذهانهم، ولكن تقريره بواضح البيان وإثباته بقائم الحجة والبرهان كان مدخرا لنا في حقيبة (3) الزمان.
(فصل) وكأني بك وقد زعمت أني قد أطنبت فمللت، ولم تدر أني قد سهلت لك الوعر (4)، وأوضحت لك الطريق، وأرحتك عن تلك التطويلات المملة التي ذكروها في تعداد العلائق المجوزة لاستعمال المجاز، وما تجده في المفصلات من علائمها وعلائم الحقيقة، وعن الدور والجواب عنه بالإجمال والتفصيل، وعن البحث في موارد كل من قاعدتي أصالة الحقيقة، وأن الاستعمال أعم من الحقيقة