وقال في تعريفها: إنها استعمال اللفظ في غير ما وضع له مع جواز إرادته منها (1).
(فصل) وهذا الذي قررناه في المجاز غير الذي ذهب إليه السكاكي في الاستعارة من الحقيقة الادعائية لأن ما ذكرناه يعم مطلق المجاز مرسلا كان أم استعارة، والسكاكي يقول بمقالته في خصوص الاستعارة، ولم يظهر لي إلى الآن وجه للفرق يدعو مثل هذا الأستاذ إلى التفصيل، فقولك في مريض - يئس من برئه الأطباء، وانقطع من شفائه الرجاء -: هذا ميت، كقولك ذلك فيمن لا يرجى نفعه ولا يخشى ضره، وقولك في متاع نفيس ينفق في السوق: هذا ذهب، كقولك ذلك فيما يشبه الذهب بعينه.
وببالي أن بملاحظة مجموع كلامه في المفتاح يظهر أنه يعم مذهبه في مطلق المجاز، وإنما خص الاستعارة بالمثال لأنها من أشهر أقسامه وأهمها، فليراجعه من شاء.
ومن البعيد من مثله أن يفرق بينهما من غير فارق أصلا، إذ الادعاء الذي بنى عليه مذهبه ممكن في جميع أقسام المجاز، وأي فرق في إمكان ادعاء فرد آخر للميت والذهب - في المثالين المتقدمين - إذا كان بعلاقة الأول، أو بعلاقة التشبيه.
وعمدة الفرق بين المقالتين هي أن السكاكي يبني مذهبه على أن التصرف في أمر عقلي، وأن المستعير يدعي أن للمشبه به فردا آخر وهو المستعار له، ويجعل مقالته غرضا لسهام الانتقاد والاعتراض عليه، بأن اللفظ موضوع للفرد الواقعي لا الادعائي فيعود الاستعمال إلى المجاز اللغوي، وما ذكرناه لا يبنى