قيل له: من مذهب أهل اللغة خلاف هذا لأنهم يستحسنون الجواب بذكر العقلاء في الموضع الذي ذكرناه وان لم يستفهموا أصلا فمن أوقف حسن ذلك على الاستفهام كان مكابرا مدافعا للضرورات.
على أن هذا يوجب ان يستفهموا ابدا حتى ينتهى إلى أقل من يمكن أن يكون مرادا لأنه لو قال: (من الرجال) كان ذلك غير مستغرق في الرجال على مذهب الخصم ويحسن أن يستفهم دفعة أخرى فيقال: (امن أهل الاشراف أو من غيرهم أو من شيوخهم أو شبانهم أمن صناعهم أو غيرهم؟) وكذلك ابدا وهذا يؤدى إلى أن لا يحسن الجواب الا بعد ذكر جميع ذلك والمعلوم ضرورة خلاف ذلك.
وليس لهم ان يقولوا: انما حسن الجواب بجواز أن يكون مستفهما عنه لا بوجوب ذلك وذلك أن الصلاح لا يصير الكلام مطابقا للجواب وانما يصير كذلك بالوجوب الا ترى انه إذا سأل سائل (1) المفتى فقال: (هل يجوز وطء المرأة في حال قرئها؟) لم يحسن من المفتى ان يجيب عن ذلك بنعم أو لا بل يحتاج ان يستفهمه فيقول: (ما الذي أردت بالقرء)؟ فان أردت الحيض فلا يجوز ذلك وطئها وان أردت الطهر كان ذلك جائزا والعلة في قبح الجواب بما ذكرناه هو ان السؤال يمكن أن يكون عن كل واحد من المعنيين (2) * ولم يجب أن يكون سؤالا عنهما (3) * فكذلك لو كان ألفاظ العموم من الاستفهام جارية ذلك المجرى لوجب أن لا يحسن الجواب بذكر آحاد العقلاء وقد علمنا خلاف ذلك.
فان قالوا: إذا ثبت ذلك في الاستفهام لم زعمتم ان حكم غير الاستفهام حكمه في المجازات وغيرها؟
قيل لهم: غرضنا بهذا الدليل ان يثبت ان ها هنا لفظا موضوعا للاستغراق في