يحسن ان يستفهم فيقال: (وان دخلها نبي) أو (وان دخلها أبوك)؟ فلما حسن هذا الاستفهام دل على أن اللفظ مشترك وانما يستفهم عن مراده بها.
قيل لهم: لا نم انه يحسن الاستفهام في هذا الموضع على كل حال وعلى كل وجه وهو انه إذا كان المخاطب عالما باللغة وكان حكيما لا يجوز عليه التعمية ولم يقرن بخطابه ما يدل على أنه أراد بعضه أو تخصيصه وكان المخاطب أيضا عالما باللغة وبموضوعها لم يحسن ان يستفهم وانما يحسن الاستفهام إذا اختلف بعض الشرائط اما بان يكون أحدهما غير عالم باللغة وموضوعها أو مع كونهما عاملين يجوز السامع أن يكون المتكلم أراد به المجاز ولم يبينه في الحال أو غير ذلك من الأمور فان عند ذلك يحسن الاستفهام وإذا خلا من ذلك لم يحسن على ما بيناه.
على أن الاستفهام قد يحسن في المواضع التي ليست للاشتراك الا ترى ان القائل إذا قال: (لقيت الأمير) أو (ضربت أبي) يحسن ان يقال: (ألقيت الأمير نفسه أو بعض أصحابه)؟ وكذلك يقال: (أضربت أباك نفسه)؟ وذلك لا يدل على أن اسم (الأمير) مشترك بينه وبين صاحبه ولا اسم (الأب مشترك) بينه وبين غيره.
فان امتنعوا من حسن الاستفهام ههنا امتنعنا هناك.
وان قالوا: ذلك ليس باستفهام وانما هو استعظام واستكبار.
قيل لهم: وكذلك قول السائل لمن قال: (من دخل داري أهنته وان دخلها نبي أو أبوك) انما هو استعظام واستكبار وليس باستفهام ولا فرق بينهما على حال.
والذي يدل أيضا على أن الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته لا ما يصلح حسن الاستثناء من الاعداد لان القائل إذا قال: (اعط فلانا عشرة دراهم) يحسن ان يستثنى منه ان يقول: (الا واحدا).
ولا يمكن ان يقال: ان لفظة عشرة مشتركة بين العشرة والتسعة.
فان ارتكبوا ذلك وقالوا: اللفظ مشترك الزموا أن يكون مشتركا بين العشرة والثمانية والسبعة والستة والخمسة والى الواحد لأنه يحسن استثناء جميع ذلك من لفظ العشرة لأنه يحسن بلا خلاف ان يقول: (اعط عشرة دراهم الا خمسة)