وعلى (1) الصحيح من المذهب وان كان فيه خلاف - ان يقول: (اعط عشرة الا تسعة) وأي الامرين ارتكبوا كان ذلك خلافا لما هو معلوم ضرورة من دين أهل اللغة.
فان قالوا: وما العلة الجامعة بين الاعداد وغيرها؟ ولم إذا ثبت في الاعداد وما قلتم يجب أن يكون حكم غيرها هذا الحكم؟
قيل لهم: انما جمعنا بينهما من حيث إن حقيقة الاستثناء كان أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته فلما كان هذا حقيقة الاستثناء وجب ذلك في كل موضع.
فان قالوا: الوجوب الذي ثبت في الاعداد امر زائد على الصلاح وإذا كان الامر كذلك عاد الامر إلى أنه انما يحسن الاستثناء فيها للصلاح دون الوجوب.
قيل لهم: الصلاح وان كان حاصلا في الاعداد فإنه لا ينفصل من الوجوب فينبغي أن يكون حقيقة الاستثناء ان يدخل على الصلاح الذي هو الواجب. وكذلك نقول في جميع المواضع التي نقول فيها بالعموم ولا يجب أن يحكم بان هذا الحكم بمجرد الصلاح لان ذلك ليس بحاصل في الاعداد وانما كان يجوز أن لو ثبت الصلاح بمجرده وحسن مع ذلك الاستثناء لزمنا ان نحكم بحسن ذلك الصلاح فاما ولما يثبت ذلك فلا يجوز على حال.
ومما يدل أيضا على ما قلناه: ان القائل إذا قال: (من عندك)؟ مستفهما يحسن ان يجاب بذكر كل عاقل فلولا ان اللفظة مستغرقة لجميع العقلاء والا لم يحسن ذلك وانما قلنا ذلك لان من شأن الجواب مطابقا للسؤال ولا يكون مطابقا الا بأن يجيب المجيب عما سأل عنه السائل وفي ذلك ثبوت الاستفهام عن جميع العقلاء.
ولأجل ذلك حسن الجواب بذكر كل واحد منهم.
فان قالوا: لا يحسن ان يجيب بذكر كل عاقل بل ينبغي أن يستفهم ويقول: (من الرجال أو من النساء أو من الاشراف أو من العامة) فإذا بين مراده اجابه حينئذ.