والذي اذهب إليه هو الأول.
والذي يدل على ذلك: انه قد ثبت بما دللنا عليه ان الامر يقتضى الايجاب فلو لم يقتضى الفعل في الثاني لم ينفصل مما ليس بواجب في هذه الحال لأن ما ليس بواجب هذا حكمه من أنه يجوز تركه وهذا لا حق به وهذا يؤدى إلى نقض كونه موجبا (1) *.
فان قالوا: انه وان جاز تأخيره فلا يجوز ذلك الا إلى بدل وهو العزم.
وربما قالوا: انما يجوز له أن يؤخر بشرط أن يفعل في الثالث وكذلك فيما بعد.
قيل له: على الوجه الأول اثبات العزم يحتاج إلى دليل حتى يصح أن يكون مخيرا بينه وبين الفعل فأما إذا لم يثبت ذلك فكيف يجعل مخيرا بينه وبينه ولا فرق بين من أثبته من غير دليل وبين من أثبت فعلا اخر وجعله مخيرا بينه وبينه فلما كان هذا فاسدا بلا خلاف كان العزم مثله.
وليس لهم أن يقولوا: نحن لا نثبت العزم الا بدليل وذلك أنه لما ثبت ان الفعل واجب وكانت الأوقات في أدائها متساوية أثبتنا العزم والا انتقض كونه واجبا.
وذلك أن هذا انما يتم إذا ثبت لهم ان الأوقات متساوية في الأداء ودون ذلك خرط القتاد.
وأيضا: فلو كان مخيرا بينه وبين العزم لجاز له أن يقتصر عليه ولا يفعل الواجب لان هذا حكم سائر الابدال وفي ذلك إغراء له بترك الواجب وألا يفعل