أرادوا ذلك فذلك قول من قال: (ان الواجب واحد لا بعينه) وان قالوا: انه كره تركه وترك الاخر فقد جمعهما للكراهة فينبغي أن يكونا جميعا واجبين على الجمع وذلك لا يقوله أحد.
وقولهم: (ولم يكره ترك واحد مع فعل الاخر) يكاد يستحيل لأنه إذا كرهه مع ترك الاخر فقد حصلت الكراهة له وتعلقت به لنفسها فكيف لا تكون حاصلة إذا قدرنا فعل الاخر؟
وتعلق من خالف في ذلك بان قال: لو فرضنا انه فعل الثلاث لكان الواجب منها واحدا فكذلك قبل الفعل.
وقالوا أيضا: لو لم يفعل الثلاثة لا يستحق العقاب على واحدة منها فعلم بذلك ان الواجب هو الواحد.
والجواب عن ذلك: ان هذا يسقط بما حررناه لأنه إذا فعل فالذي كان واجبا عليه واحد وان كان الباقي له صفة الوجوب لأنه كان مخيرا فيها فلأجل ذلك استحق ثواب الواحد على جهة الوجوب والثنتان فعلهما تبرعا ولا يمتنع أن يكون الشئ له صفة الوجوب إذا فعل مفردا فإذا فعل مع غيره كان الواحد منها لا يتغير وجه كونه واجبا والباقي (1) يصير ندبا فلأجل ذلك يستحق عليه ثواب الندب وكذلك إذا لم يفعل الثلاث فإنما يستحق العقاب على واحد لان واحدا منها كان واجبا عليه دون الثلاثة.
فان قيل: فأيها يستحق عليه الثواب إذا جمعت وأيها يستحق عليه العقاب إذا لم يفعل شئ منها؟
قيل له: لا يلزمنا بيان ذلك بل ما يعلمه الله تعالى من أنه لا يتغير كونه واجبا إذا