وليس ذكره بعد ذكر الأول مقتضيا لحمله على التأكيد (1) * الا أن يدل دليل على أنه تأكيد فيحمل عليه أو يكون الأول معرفا أو إشارة إلى معهود والثاني مثله فيحمل على ذلك نحو ان يقول الله تعالى: (صلوا صلاة صلوا صلاة) فإنه يجب أن تحمل اللفظة الثانية على صلاة غير الصلاة الأولى.
واما ما يكون معرفا فنحو ما روى عن ابن عباس في قوله (فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا) (2) فقال: (لن يغلب عسر واحد يسرين) (3) فحمل العسر على أنه واحد لما كانا معرفين واليسر على أنهما مختلفان لما كانا منكرين.
وقال قوم (4) في تأويل هذه الآية: ان التعريف في العسر ليس بتعريف العهد وانما هو تعريف الجنس فكأنه قال: مع جنس العسر يسرا وكذا مع جنس العسر يسرا وعلى هذا يكون الثاني غير (5) * الأول.
والذي يدل أيضا على ما قلناه: ان الخبرين (6) إذا تكررا اقتضيا مخبرين فوجب أن يكون حكم الامرين مثل ذلك لأنهما في المعنى واحد.
فاما قول القائل لغيره: (اضرب اضرب) فالظاهر من ذلك أن الثاني غير الأول الا أن يدل دليل على أنه أراد تأكيد الأول من شاهد الحال وغير ذلك فيحمل عليه.