بقولنا: (ان الثلاثة لها صفة الوجوب) ان الله تعالى قد علم أن كل واحد منها يقوم مقام صاحبه في كونه مصلحة ولطفا للمكلف فاعلمنا ذلك وخيرنا بين فعلها فالمخالف في ذلك لا يخلو: اما ان يوافق على ذلك ويقول: مع هذا ان الواجب واحد لا بعينه فذلك يكون خلافا في عبارة لا اعتبار به.
وان قال: ان الذي هو لطف ومصلحة واحد من الثلاثة (1) * والثنتان ليس لهما صفة الوجوب فذلك يكون خلافا في المعنى.
والذي يدل على فساد هذا القول: انه لو كان الواحد منها لها صفة الوجوب والباقي ليس له ذلك لوجب أن يدل الله تعالى على ذلك ويعينه لأنه لا (2) طريق للمكلف إلى معرفة ماله صفة الوجوب وتمييزه مما ليس له ذلك ومتى لم يفعل ذلك والامر على ما قلناه يكون قد كلفه ما لا دليل عليه وذلك لا يجوز ولذلك قلنا: انه لا يجوز أن يكلف الله تعالى اختيار الرسل والشرائع ولا ينصب على ذلك دليلا (3) لان ذلك قبيح.
وليس لاحد أن يقول (4): انه يتميز له باختياره لان بعد اختياره قد سقط عنه التكليف وينبغي أن يتميز له في حال ما وجب عليه حتى يصح منه الاقدام عليه وتميزه له من غيره وذلك يكون قبل اختياره.