وأما إذا عطف أحدها على الاخر نظر فيه:
فان كان الثاني يقتضى ما يقتضيه الأول من غير زيادة ولا نقصان فالكلام فيه كالكلام في الأول سواء لأنه لا فرق بين أن يفترق ذلك ويقترن ويصير ذلك بمنزلة أمر واحد بفعلين ولذلك قال الفقهاء (١) في قول القائل لامرأته: (أنت طالق وطالق) على أنه أوقع الثنتين الا أن يدل دليل على أنه أراد تأكيد الأول فيحمل عليه.
وان كان الثاني يقتضى غير ما يقتضيه (٢) * الأول حمل على ظاهره ولا تنافى بينه وبين الأول.
وان كان الثاني يقتضى بعض ما تناوله الأول فالظاهر من الاستعمال أن يحمل على أنه أريد بالثاني غير البعض الذي تناوله الأول لان من حق المعطوف أن يتناول غير ما يتناوله المعطوف عليه ثم ينظر في ذلك فان كان إذا جعل هذا البعض مرادا بالثاني كان هو بعينه يمتنع أن يكون مرادا بالأول أيضا فالواجب ان يحمل الأول على ما عداه وان كان لا يمتنع ان يراد بالأول ما يقتضيه أيضا حمل الأول على جميعه والثاني على البعض الذي تناوله ولذلك قلنا ان قوله: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ (٣) يقتضى ظاهره ان المراد بالصلوات غير الوسطى ليصح عطف ما عطف به عليه.
اللهم إلا أن يدل دليل على أن الثاني ذكر تأكيدا أو تعظيما وتفخيما فان كان كذلك حمل عليه كما قيل في قوله: ﴿من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ (4) ان المراد بذكر جبريل وميكال تعظيم لهما وتفخيم وكذلك قال أكثر أهل العلم (5) في قوله تعالى: (فيهما فاكهة ونخل ورمان) (6).