وهذا لا إشكال فيه من جهة العاقد وإن كان واحدا، لما عرفت، وإنما الإشكال من جهة أن اللازم على الوكيل المماكسة من طرف البائع في ازدياد الثمن، ومن طرف المشتري في نقصه وبذل جهده في نصح البائع ونصح المشتري، وفي الغالب لا يجتمع النصحان.
القسم الثالث: أن يكون وكيلا في نفس البيع فيبيع من نفسه، أو في نفس الشراء فيشتري من نفسه، سواء كان العاقد متعددا أو واحدا، والواحد هو أو غيره، وعدم الإشكال من جهة العاقد، كما عرفت.
وأما من جهة كون المعاملة مع نفسه، ففيه إشكال شديد، ظهر وجهه مما كتبناه في مسألة من أعطي مالا ليفرقه في قوم هو منهم، أنه هل يجوز أن يأخذ منه أم لا! فلاحظ.
ونزيد هنا أن الموكل يريد من الوكيل المماكسة في البيع أو الشراء، فكيف يرضى أن يبيع من نفسه أو يشتري منه؟ وأيضا يريد الخلوص في النصح ولا يتحقق إلا من أوحدي الدهر إذا وقع المعاملة مع النفس.
ومما ذكر ظهر حال تولي الوصي للطرفين، وأنه لا إشكال فيه أصلا، لأن تصرفه منوط بالمصلحة، لا إذن صاحب المال ولا إرادة المماكسة، فمتى تحققت المصلحة يكون صحيحا، والمصلحة يعرفها أرباب الخبرة، وإن لم توجد معرفتهم فلا بد له من الاحتياط التام إذا باع من نفسه أو اشترى كي لا يغتر، والاحتياط هو أن يبيع فيمن زاد فيشتري - مثلا - ولذا ورد في رواية ابن إبراهيم الهمداني ما ورد، فلاحظ وتأمل:
روى الحسن بن إبراهيم الهمداني قال: " كتبت مع محمد بن يحيى: هل للوصي أن يشتري شيئا من مال الميت إذا بيع فيمن زاد، يزيد ويأخذ لنفسه؟