المسألة الأولى: قال بعضهم: هذه الآية شبيهة بقوله * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) * (التوبة: 6) وقوله * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) * (الحجرات: 9) وهاهنا ارتفع * (امرأة) * بفعل يفسره * (خافت) * وكذا القول في جميع الآيات التي تلوناها والله أعلم.
المسألة الثانية: قال بعضهم: خافت أي علمت، وقال آخرون: ظنت، وكل ذلك ترك للظاهر من غير حاجة، بل المراد نفس الخوف إلا أن الخوف لا يحصل إلا عند ظهور الأمارات الدالة على وقوع الخوف، وتلك الأمارات هاهنا أن يقول الرجل لامرأته: إنك دميمة أو شيخة وإني أريد أن أتزوج شابة جميلة، والبعل هو الزوج، والأصل في البعل هو السيد، ثم سمي الزوج به لكونه السيد للزوجة؛ ويجمع البعل على بعولة، وقد سبق هذا في سورة البقرة في قوله تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن) * (البقرة: 228) والنشوز يكون من الزوجين وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه، واشتقاقه من النشز وهو ما ارتفع من الأرض، ونشوز الرجل في حق المرأة أن يعرض عنها ويعبس وجهه في وجهها ويترك مجامعتها ويسئ عشرتها.
المسألة الثالثة: ذكر المفسرون في سبب نزول الآية وجوها: الأول: روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الآية نزلت في ابن أبي السائب كانت له زوجة وله منها أولاد وكانت شيخة فهم بطلاقها، فقالت لا تطلقني ودعني أشتغل بمصالح أولادي وأقسم في كل شهر ليالي قليلة، فقال الزوج: إن كان الأمر فهو أصلح لي. والثاني: أنها نزلت في قصة سودة بنت زمعة أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يطلقها، فالتمست أن يمسكها ويجعل نوبتها لعائشة، فأجاز النبي عليه الصلاة والسلام ذلك ولم يطلقها. والثالث: روي عن عائشة أنها قالت: نزلت في المرأة تكون عند الرجل ويريد الرجل أن يستبدل بها غيرها، فتقول: أمسكني وتزوج بغيري، وأنت في حل من النفقة والقسم.
المسألة الرابعة: قوله * (نشوزا أو إعراضا) * المراد بالنشوز إظهار الخشونة في القول أو الفعل أو فيهما والمراد من الإعراض السكوت عن الخير والشر والمداعاة والإيذاء، وذلك لأن هذا الإعراض يدل دلالة قوية على النفرة والكراهة.
ثم قال تعالى: * (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ عاصم وحمزة والكسائي * (يصلحا) * بضم الياء وكسر اللام وحذف الألف من الإصلاح، والباقون * (يصالحا) * بفتح الياء والصاد، والألف بين الصاد واللام وتشديد الصاد من التصالح، ويصالحا في الأصل هو يتصالحا، فسكنت التاء وأدغمت في الصاد. ونظيره قوله