كتاب الله أفتى كذا.
القول الثاني: أن قوله * (وما يتلى عليكم) * مبتدأ و * (في الكتاب) * خبره، وهي جملة معترضة، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ، والغرض منه تعظيم حال هذه الآية التي تتلى عليهم وأن العدل والإنصاف في حقوق اليتامى من عظائم الأمور عند الله تعالى التي يجب مراعاتها والمحافظة عليها، والمخل بها ظالم متهاون بما عظمه الله. ونظيره في تعظيم القرآن قوله * (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) * (الزخرف: 4).
القول الثالث: أنه مجرور على القسم، كأنه قيل: قل الله يفتيكم فيهن، وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب، والقسم أيضا بمعنى التعظيم.
والقول الرابع: أنه عطف على المجرور في قوله * (فيهن) * والمعنى: قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء، قال الزجاج: وهذا الوجه بعيد جدا نظرا إلى اللفظ والمعنى، أما اللفظ فلأنه يقتضي عطف المظهر على المضمر، وذلك غير جائز كما شرحناه في قوله * (تساءلون به والأرحام) * (النساء: 1) وأما المعنى فلأن هذا القول يقتضي أنه تعالى في تلك المسائل أفتى ويفتي أيضا فيما يتلى من الكتاب، ومعلوم أنه ليس المراد ذلك، وإنما المراد أنه تعالى يفتي فيما سألوا من المسائل: بقي هاهنا سؤالان: السؤال الأول: بم تعلق قوله * (في يتامى النساء) *. قلنا: هو في الوجه الأول صلة * (يتلى) * أي يتلى عليكم في معناهن، وأما في سائر الوجوه فبدل من * (فيهن) *.
السؤال الثاني: الإضافة في * (يتامى النساء) * ما هي؟ الجواب: قال الكوفيون: معناه في النساء اليتامى، فأضيفت الصفة إلى الاسم، كما تقول: يوم الجمعة، وحق اليقين. وقال البصريون: إضافة الصفة إلى الاسم غير جائز فلا يقال مررت بطالعة الشمس، وذلك لأن الصفة والموصوف شيء واحد، وإضافة الشيء إلى نفسه محال. وهذا التعليل ضعيف لأن الموصوف قد يبقى بدون الوصف، وذلك يدل على أن الموصوف غير الصفة، ثم أن البصريين فرعوا على هذا القول وقالوا: النساء في الآية غير اليتامى، والمراد بالنساء أمهات اليتامى أضيفت إليهن أولادهن اليتامى، ويدل عليه أن الآية نزلت في قصة أم كحة، وكانت لها يتامى. ثم قال * (اللاتي لا تؤتونهن) * قال ابن عباس: يريد ما فرض لهن من الميراث، وهذا على قول من يقول: نزلت الآية في ميراث اليتامى والصغار، وعلى قول الباقين المراد بقوله * (ما كتب لهن) *