* (اداركوا فيها) * (الأعراف: 38) أصله تداركوا سكنت التاء وأبدلت بالدال لقرب المخرج وأدغمت في الدال، ثم اجتلبت الهمزة للابتداء بها فصار اداركوا.
إذا عرفت هذا فنقول: من قرأ * (يصلحا) * فوجهه أن الاصلاح عند التنازع والتشاجر مستعمل قال تعالى: * (فمن خاف من مص جنفا أو إثما فأصلح بينهم) * (البقرة: 182) وقال * (أو إصلاح بين الناس) * (النساء: 114) ومن قرأ * (يصالحا) * وهو الاختيار عند الأكثرين قال: أن يصالحا معناه يتوافقا، وهو أليق بهذا الموضع وفي حرف عبد الله: فلا جناح عليهما أن صالحا، وانتصب صلحا في هذه القراءة على المصدر وكان الأصل أن يقال: تصالحا، ولكنه ورد كما في قوله * (والله أنبتكم من الأرض نباتا) * (نوح: 17) وقوله * (وتبتل إليه تبتيلا) * (المزمل: 8) وقول الشاعر: وبعد عطائك المائة الرتاعا المسألة الثانية: الصلح إنما يحصل في شيء يكون حقا له، وحق المرأة على الزوج إما المهر أو النفقة أو القسم، فهذه الثلاثة هي التي تقدر المرأة على طلبها من الزوج شاء أم أبى، أما الوطء فليس كذلك، لأن الزوج لا يجبر على الوطء.
إذا عرفت هذا فنقول: هذا الصلح عبارة عما إذا بذلت المرأة كل الصداق أو بعضه للزوج أو أسقطت عنه مؤنة النفقة، أو أسقطت عنه القسم، وكان غرضها من ذلك أن لا يطلقها زوجها، فإذا وقعت المصالحة على ذلك كان جائزا.
ثم قال تعالى: * (والصلح خير) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الصلح مفرد دخل فيه حرف التعريف، والمفرد الذي دخل فيه حرف التعريف هل يفيد العموم أم لا؟ والذي نصرناه في أصول الفقه أنه لا يفيده، وذكرنا الدلائل الكثيرة فيه.
وأما إذا قلنا: إنه يفيد العموم فهاهنا بحث، وهو أنه إذا حصل هناك معهود سابق فحمله على العموم أولى أم على المعهود السابق؟ الأصح أن حمله على المعهود السابق أولى، وذلك لأنا إنما حملناه على الاستغراق ضرورة أنا لو لم نقل ذلك لصار مجملا ويخرج عن الإفادة، فإذا حصل هناك معهود سابق اندفع هذا المحذور فوجب حمله عليه.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: من الناس من حمل قوله * (والصلح خير) * على الاستغراق، ومنهم من حمله على المعهود السابق، يعني الصلح بين الزوجين خير من الفرقة، والأولون تمسكوا به في مسألة أن الصلح على الإنكار جائز كما هو قول أبي حنيفة، وأما نحن فقد بينا أن حمل هذا