زوايا قائمة، انقسمت كرة الأرض بهما أرباعا، والذي وجد معمورا من الأرض أحد الربعين الشماليين مع ما فيه من الجبال والبحار والمفاوز، ويقال والله أعلم أن ثلاثة الأرباع ماء، فالموضع الذي طوله تسعون درجة على خط الاستواء، يسمى: قبة الأرض، ويحكى عن الهند أن هناك قلعة شامخة في جزيرة هي مستقر الشياطين، فتسمى لأجلها: قبة، ثم وجد طول العمارة قريبا من نصف الدور، وهو كالمجمع عليه، واتفقوا على أن جعلوا ابتداءها من المغرب، إلا أنهم اختلفوا في التعيين، فبعضهم يأخذه من ساحل البحر المحيط وهو بحر أوقيانوس، وبعضهم يأخذه من جزائر وغلة فيه تسمى: جزائر الخالدات، زعم الأوائل أنها كانت عامرة في قديم الدهر، وبعدها عن الساحل عشرة أجزاء، فيلزم من هذا وقوع الاختلاف في الإنتهاء أيضا، ولم يوجد عرض العمارة إلا إلى بعد ست وستين درجة من خط الاستواء، إلا أن بطليموس زعم أن وراء خط الاستواء عمارة إلى بعد ست عشرة درجة، فيكون عرض العمارة قريبا من اثنتين وثمانين درجة، ثم قسموا هذا القدر المعمور سبع قطع مستطيلة على موازاة خط الاستواء، وهي التي تسمى: الأقاليم وابتداؤه من خط الاستواء، وبعضهم يأخذ أول الأقاليم من عند قريب من ثلاث عشرة درجة من خط الاستواء، وآخر الأقليم السابع إلى بعد خمسين درجة ولا يعد ما وراءها من الأقاليم، لقلة ما وجدوا فيه من العمارة.
السبب الثالث: لاختلاف أحوال الأرض، كون بعضها بريا وبحريا، وسهليا وجبليا، وصخريا ورمليا وفي غور وعلى نجد ويتركب بعض هذه الأقسام ببعض فتختلف أحوالها اختلافا شديدا، وما يتعلق بهذا النوع فقد استقصيناه في تفسير قوله تعالى: * (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء) * (البقرة: 22) ومما يتعلق بأحوال الأرض أنها كرة وقد عرفت أن امتداد الأرض فيما بين المشرق والمغرب يسمى طولا وامتدادها بين الشمال والجنوب يسمى عرضا فنقول: طول الأرض إما أن يكون مستقيما أو مقعرا أو محدبا والأول باطل وإلا لصار جميع وجه الأرض مضيئا دفعة واحدة عند طلوع الشمس ولصار جميعه مظلما دفعة واحدة عند غيبتها، لكن ليس الأمر كذلك لأنا لما اعتبرنا من القمر خسوفا واحدا بعينه، واعتبرنا معه حالا مضبوطا من أحواله الأربعة التي هي أول الكسوف وتمامه، وأول انجلائه وتمامه لم يوجد ذلك في البلاد المختلفة الطول في وقت واحد ووجد الماضي من الليل في البلد الشرقي منها أكثر مما في البلد الغربي والثاني أيضا باطل وإلا لوجد الماضي من الليل في البلد الغربي أكثر منه في البلد الشرقي لأن الأول يحصل في غرب المقعر أولا ثم في شرقه ثانيا ولما بطل القسمان ثبت أن طول الأرض محدب، ثم هذا المحدب إما أن يكون كريا أو عدسيا، والثاني باطل لأنا نجد التفاوت بين