ولم يتفق ليل كوكب مع نهاره، إلا ما كان في معدل النهار، وتصير الكواكب التي بالقرب من قطب الشمال أبدية الظهور، والتي بالقرب من قطب الجنوب أبدية الخفاء، وتمر الشمس بسمت الرأس في نقطتين بعدهما عن معدل النهار إلى الشمال مثل عرض الموضع.
القسم الثالث: وهو الموضع الذي يصير ارتفاع القطب فيه مثل الميل الأعظم، وههنا يبطل طلوع قطبي فلك البروج وغروبهما إلا أنهما يماسان الأفق، وحينئذ يمر فلك البروج بسمت الرأس، ولم تمر الشمس بسمت الرأس إلا في الإنقلاب الصيفي.
القسم الرابع: وهو أن يزداد العرض على ذلك، وههنا يبطل مرور فلك البروج والشمس بسمت الرأس، ويصير القطب الشمالي من فلك البروج أبدي الظهور، والآخر أبدي الخفاء.
القسم الخامس: أن يصير العرض مثل تمام الميل، وههنا ينعدم غروب المنقلب الصيفي وطلوع الشتوي لكنهما يماسان الأفق، وعند بلوغ الاعتدال الربيعي أفق المشرق، والخريفي أفق المغرب يكون المنقلب الصيفي في جهة الشمال والشتوي في جهة الجنوب وحينئذ ينطبق فلك البروج على الأفق، ثم يطلع من أول الجدي، إلى أول السرطان دفعة، ويغرب مقابله كذلك ثم تأخذ البروج الطالعة في الغروب، والغاربة في الطلوع، إلى أن تعود الحالة المتقدمة، وينعدم الليل هناك في الإنقلاب الصيفي، والنهار في الشتوي.
القسم السادس: أن يزداد العرض على ذلك، فحينئذ يصير قوس من فلك البروج أبدي الظهور مما يلي المنقلب الصيفي، بحيث يكون المنقلب في وسطها، ومدة قطع الشمس إياها يكون نهارا، ويصير مثلها مما يلي المنقلب الشتوي أبدي الخفاء، ومدة قطع الشمس إياها يكون ليلا، ويعرض هناك لبعض البروج نكوس، فإذا وافى الجدي نصف النهار من ناحية الجنوب، كان أول السرطان عليه من ناحية الشمال، ونقطة الإعتدال الربيعي على أفق المشرق، فإذن قد طلع السرطان قبل الجوزاء، والجوزاء قبل الثور، والثور قبل الحمل، ثم إذا تحرك الفلك يطلع بالضرورة آخر الحوت وأوله تحت الأرض، وكل جزء يطلع فإنه يغيب نظيره، فالبروج التي تطلع منكوسة يغيب نظيرها كذلك.
القسم السابع: أن يصير ارتفاع القطب تسعين درجة، فيكون هناك معدل النهار منطبقا على الأفق، وتصير الحركة رحوية، ويبطل الطلوع والغروب أصلا، ويكون النصف الشمالي في فلك البروج أبدي الظهور، والنصف الجنوبي أبدي الخفاء، ويصير نصف السنة ليلا ونصفها نهارا.
السبب الثاني: لاختلاف أحوال الأرض اختلاف أحوالها بسبب العمارة: اعلم أن خط الاستواء يقطع الأرض نصفين: شمالي وجنوبي، فإذا فرضت دائرة أخرى عظيمة مقاطعة لها على