العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنآ أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينآ إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) * اعلم أن هذا هو النوع الرابع من الأمور التي حكاها الله تعالى عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهو أنهما عند بناء البيت ذكرا ثلاثة من الدعاء ثم ههنا مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (وإذ يرفع) * حكاية حال ماضية والقواعد جمع قاعدة وهي الأساس، والأصل لما فوقه، وهي صفة غالبة، ومعناها الثابتة، ومنه أقعدك الله أي أسأل الله أن يقعدك أي يثبتك ورفع الأساس البناء عليها، لأنها إذا بني عليها نقلت عن هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع وتطاولت بعد التقاصر ويجوز أن يكون المراد بها سافات البناء لأن كل ساف قاعدة للذي يبنى عليه ويوضع فوقه، ومعنى رفع القواعد رفعها بالبناء لأنه إذا وضع سافا فوق ساف فقد رفع السافات والله أعلم.
المسألة الثانية: الأكثرون من أهل الأخبار على أن هذا البيت كان موجودا قبل إبراهيم عليه السلام على ما روينا من الأحاديث فيه واحتجوا بقوله: * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) * فإن هذا صريح في أن تلك القواعد كانت موجودة متهدمة إلا أن إبراهيم عليه السلام رفعها وعمرها.
المسألة الثالثة: اختلفوا في أنه هل كان إسماعيل عليه السلام شريكا لإبراهيم عليه السلام في رفع قواعد البيت وبنائه؟ قال الأكثرون: إنه كان شريكا له في ذلك والتقدير وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت والدليل عليه أنه تعالى عطف إسماعيل على إبراهيم فلا بد وأن يكون ذلك العطف في فعل من الأفعال التي سلف ذكرها ولم يتقدم إلا ذكر رفع قواعد البيت موجب أن يكون إسماعيل معطوفا على إبراهيم في ذلك، ثم إن اشتراكهما في ذلك يحتمل وجهين. أحدهما: أن يشتركا في البناء ورفع الجدران. والثاني: أن يكون أحدهما بانيا للبيت والآخر يرفع إليه الحجر والطين، ويهيئ له الآلات والأدوات، وعلى الوجهين تصح إضافة الرفع إليهما، وإن كان الوجه الأول أدخل في الحقيقة ومن الناس