ويروون عنهم. و في الغاوين ثلاثة أقوال:
أحدها: الشياطين، قاله مجاهد، وقتادة.
والثاني: السفهاء، قاله الضحاك.
والثالث: المشركون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) هذا مثل بمن يهيم في الأودية، والمعنى أنهم يأخذون في كل فن من لغو وكذب وغير ذلك، فيمدحون بباطل ويذمون بباطل، ويقولون: فعلنا، ولم يفعلوا.
قوله تعالى: (إلا الذين آمنوا) قال ابن عباس: لما نزل ذم الشعراء، جاء كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، فقالوا: يا رسول الله، أنزل الله هذا وهو يعلم أنا شعراء، فنزلت هذه الآية. و قال المفسرون: وهذا الاستثناء لشعراء المسلمين الذين مدحوا رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم] وذموا من هجاه، (وذكروا الله كثيرا) أي: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله ولم يجعلوا الشعر همهم.
قال ابن زيد: وذكروا الله في شعرهم. وقيل: المراد بالذكر: الشعر في طاعة الله عز وجل.
قوله تعالى: (وانتصروا) أي: من المشركين (من بعد ما ظلموا) لأن المشركين بدؤوا بالهجاء. ثم أوعد شعراء المشركين، فقال: (وسيعلم الذين ظلموا): أشركوا وهجوا رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم] والمؤمنين (أي منقلب ينقلبون) قال الزجاج: " أي " منصوبة بقوله: " ينقلبون " لا بقوله:
" سيعلم "، لأن " أيا " وسائر الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها. ومعنى الكلام: إنهم ينقلبون إلى نار يخلدون فيها.
وقرأ ابن مسعود، ومجاهد عن ابن عباس وأبو المتوكل، وأبو رجاء: " أي متقلب يتقلبون " بتاءين مفتوحتين وبقافين على كل واحدة منهما نقطتان وتشديد اللام فيهما. وقرأ أبي بن كعب، وابن عباس، وأبو العالية، وأبو مجلز، وأبو عمران، وعاصم الجحدري: " أي منفلت ينفلتون " بالفاء فيهما وبنونين ساكنين. وكان شريح يقول: سيعلم الظالمون حظ من نقصوا، إن الظالم ينتظر العقاب، وإن المظلوم ينتظر النصر.. والله أعلم.