عليهم من الخلل.
قوله تعالى: (أم كان) قال الزجاج: معناه: بل كان.
قوله تعالى: (لأعذبنه عذابا شديدا) فيه ستة أقوال:
أحدها: نتف ريشه، قاله ابن عباس، والجمهور.
والثاني: نتفه وتشميسه، قاله عبد الله بن شداد.
والثالث: شد رجله وتشميسه، قاله الضحاك.
والرابع: أن يطليه بالقطران ويشمسه، قاله مقاتل بن حيان.
والخامس: أن يودعه القفص.
والسادس: أن يفرق بينه وبين إلفه، حكاهما الثعلبي.
قوله تعالى: (أو ليأتيني) و قرأ ابن كثير: " ليأتيني، " بنونين، و كذلك هي في مصاحفهم. فأما السلطان، فهو الحجة، وقيل: العذر.
وجاء في التفسير أن سليمان لما نزل في بعض مسيره، قال الهدهد: إنه قد اشتغل بالنزول فأرتفع أنا إلى السماء فأنظر إلي طول الدنيا وعرضها، فارتفع فرأى بستانا لبلقيس، فمال إلى الخضرة فوقع فيه، فإذا هو بهدهد قد لقيه، فقال: من أين أقبلت؟ قال: من الشام مع صاحبي سليمان وأنت فمن أين؟ قال: من هذه البلاد، وملكها امرأة يقال لها: بلقيس، فهل أنت منطلق معي حتى ترى ملكها؟ قال: أخاف ان يتفقدني بعد سليمان وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء، قال: إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة، فانطلق معه، فنظر إلى بلقيس وملكها، (فمكث غير بعيد) قرأ الجمهور بضم الكاف، وقرأ عاصم بفتحها، وقرأ ابن مسعود: " فتمكث " بزيادة تاء، والمعنى: لم يلبث إلا يسيرا حتى جاء، فقال سليمان: ما الذي أبطأ بك؟ (فقال أحطت بما لم تحط به) أي: علمت شيئا من جميع جهاته مما لم تعلم (وجئتك من سبأ) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " سبأ " نصبا غير مصروف، وقرأ الباقون خفضا منونا. وجاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن سبأ رجل من العرب، وقال قتادة: هي أرض باليمن يقال لها: مأرب. وقال أبو الحسن الأخفش: إن شئت صرفت " سبأ " فجعلته اسم أبيهم، أو اسم الحي، وإن شئت لم تصرف فجعلته اسم القبيلة، أو اسم الأرض. قال الزجاج: وقد ذكر قوم من النحويين أنه اسم رجل. وقال آخرون:
الاسم إذا لم يدر ما هو لم يصرف، وكلا القولين خطأ، لأن الأسماء حقها الصرف، وإذا لم يعلم هل الاسم للمذكر أم للمؤنث، فحقه الصرف حتى يعلم أنه لا ينصرف، لأن أصل الأسماء الصرف.
وقول الذين قالوا: هو اسم رجل، غلط، لأن سبأ هي مدينة تعرف بمأرب من اليمن، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام، فمن لم يصرفه جعله اسم مدينة، ومن صرفه فلأنه اسم البلد، فيكون مذكرا سمي بمذكر.