(اصبر على ما يقولون) أي: من تكذيبهم وأذاهم، وفي هذا قولان أحدهما: أنه أمر بالصبر، سلوكا لطريق أولي العزم، وهذا محكم.
والثاني: أنه منسوخ بآية السيف فيما زعم الكلبي.
قوله تعالى: (و أذكر عبدنا داود) في وجه المناسبة بين قوله: " اصبر " وبين قوله: " واذكر عبدنا داود " قولان:
أحدهما: أنه أمر أن يتقوى على الصبر بذكر قوة داود على العبادة والطاعة.
والثاني: أن المعنى: عرفهم أن الأنبياء [عليهم السلام] - مع طاعتهم - كانوا خائفين مني، هذا داود مع قوته على العبادة، لم يزل باكيا مستغفرا، فكيف حالهم مع أفعالهم؟!
فأما قوله: (ذا الأيد) فقال ابن عباس: هي القوة في العبادة. وفي " الصحيحين " من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحب الصيام إلى صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ".
وفي الأواب أقوال قد ذكرناها في (بني إسرائيل).
(إنا سخرنا الجبال معه يسبحن) قد ذكرنا تسبيح الجبال معه في سورة الأنبياء، وذكرنا معنى العشي في مواضع مما تقدم، وذكرنا معنى الإشراق في الحجر عند قوله تعالى (مشرقين).
قال الزجاج: الإشراق: طلوع الشمس وإضاءتها. وروي عن ابن عباس أنه قال: طلبت صلاة الضحى، فلم أجدها إلا في هذه الآية. وقد ذكرنا عنه أن صلاة الضحى مذكورة في النور في قوله تعالى: (بالغدو والآصال).
قوله تعالى: (و الطير محشورة) وقرأ عكرمة، وأبو الجوزاء، والضحاك، وابن أبي عبلة:
" والطير محشورة " قرأ أبو عكرمة و أبو الجوزاء بالرفع فيهما، أي: مجموعة إليه، تسبح الله معه (كل له) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: ترجع إلى داود، أي: كل لداود (أواب) أي: رجاع إلى طاعته وأمره، والمعنى:
كل له مطيع بالتسبيح معه، هذا قول الجمهور.
والثاني: أنها ترجع إلى الله تعالى، فالمعنى: كل مسبح لله، قاله السدي.
قوله تعالى: (و شددنا ملكه) أي: قويناه. وفي ما شد به ملكه قولان: