مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (70) قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود، قال: سألت رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم] أي الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك "، قلت: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك "، قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزاني حليلة جارك "، فأنزل الله تعالى تصديقها: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر...) الآية.
والثاني: أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم] فقالوا:
إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت هذه الآية، إلى قوله [تعالى]: (غفورا رحيما)، أخرجه مسلم من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثالث: أن وحشيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرني حتى أسمع كلام الله، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: قد كنت أحب أن أراك على غير جوار، فأما إذا أتيتني مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله، قال: فإني أشركت بالله وقتلت التي حرم الله وزينت، فهل يقبل الله مني توبة؟ حتى نزلت هذه الآية، فتلاها عليه، فقال: أرى شرطا، فلعلي لا أعمل صالحا، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله، فنزل: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فدعاه فتلاها عليه، فقال: ولعلي ممن لا يشاء، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله، فنزلت: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...) الآية، فقال: نعم، الآن لا أرى شرطا، فأسلم، رواه عطاء عن ابن عباس، وهذا وحشي هو قاتل حمزة، وفي هذا الحديث المذكور عنه نظر، وهو بعيد الصحة، والمحفوظ في إسلامه غير هذا، وأنه قدم مع رسل الطائف فأسلم من غير اشتراط. قوله تعالى: (يدعون) معناه: يعبدون. وقد سبق بيان قتل النفس بالحق في الأنعام:
قوله تعالى: (يلق أثاما) وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل: " يلق " برفع الياء وفتح اللام وتشديد القاف مفتوحة. قال ابن عباس: يلق جزاء. وقال مجاهد، وعكرمة: هو واد في جهنم. وقال ابن قتيبة: يلق عقوبة، وأنشدوا:
جزى الله ابن عروة حيث أمسى * عقوقا والعقوق له أثام