قال الزجاج: وقوله تعالى: (يلق أثاما) جزم على الجزاء. قال أبو عمرو الشيباني: يقال: قد لقي أثام ذلك، أي: جزاء ذلك، وسيبويه والخليل يذهبان إلى أن معناه: يلقى جزاء الأثام. قال سيبويه: وإنما جزم " يضاعف له العذاب " لأن مضاعفة العذاب لقي الآثام، فلذلك جزمت، كما قال الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا لان الإتيان هو الإلمام، فجزم " تلمم " لأنه بمعنى " تأتي. وقرأ الحسن: " يضعف "، وهو جيد بالغ، تقول: ضاعفت الشئ وضعفته. وقرأ عاصم: " يضاعف " بالرفع على تفسير " يلق أثاما " كأن قائلا قال: ما لقي الأثام؟ فقيل: يضاعف للآثم العذاب. وقرأ أبو المتوكل، وقتادة، وأبو حيوة: " يضعف " برفع الياء وسكون الضاد وفتح العين خفيفة من غير ألف. وقرأ أبو حصين الأسدي، والعمري عن أبي جعفر مثله، إلا أن العين مكسورة، و " العذاب " بالنصب.
قوله تعالى: (ويخلد) وقرأ أبو حيوة، وقتادة، والأعمش: " ويخلد " برفع الياء وسكون الخاء وفتح اللام مخففة. وقرأ عاصم الجحدري، وابن يعمر، وأبو المتوكل مثله، إلا أنهم شددوا اللام.
فصل ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها منسوخة، وفي ناسخها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه قوله تعالى: (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم)، قاله ابن عباس. وكان يقول: هذه مكية، والتي في " النساء " مدنية.
والثاني: أنها نسخت بقوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به...) الآية. والثالث: أن الأولى نسخت بالثانية، وهي: (إلا من تاب).
والقول الثاني: أنها محكمة، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا. وفساد القول الأول ظاهر، لأن القتل لا يوجب تخليدا عند الأكثرين، وقد بيناه في سورة النساء، والشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه، والاستثناء ليس بنسخ.
قوله تعالى: (إلا من تاب) قال ابن عباس: قرأنا على عهد رسول الله سنتين: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) ثم نزلت (إلا من تاب) فما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرح بشئ فرحه